قبل التسع يومًا وليلة وبعده دون يوم وليلة لم يجعل حيضًا. وإن كان المجموع يبلغ قدر أقل الحيض بعضه قبل التسع وبعضه بعد التسع هل يجعل حيضًا؟ وجهان.
وأما الغسل فقد ذكرنا حكمه كيف يجب بالحيض. وأما الطلاق فلا يحل (٢٦٤ ب/ ١) في حال الحيض بغير عوض. وأما العدة قفلا تدخل المقعدة في العدة الشرعية ما دامت حائضًا حتى تطهر. وأما الاعتداد بالشهود فلا يكون إلا في حق من لا تحيض. وأما اللبث في المسجد فلا يجوز لها كالجنب. وأما العبور ففيه كلام سنذكره إن شاء الله، وأما الاعتكاف فيه فهو عين اللبث في المسجد، وكذلك الطواف. ويفتقر إلى الطهارة ولا تصح منها. وأما الصلاة فقد روى أن امرأة سألت عائشة- رضي الله عنهما- عن الحائض هل تقضي الصلاة؟ فقالت: لا. فقالت لها: فمال بال الحائض تقضي الصوم دون الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت كنا ندع الصوم والصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضي الصوم دون الصلاة. وقولها:" أحرورية أنت" تعني من أهل حروراء أنت؟ وأكثر أهل حروراء خوارج، وإنما زجرتها ولم يتبين لها دليلًا؛ لأن تلك المرأة لم تكن أهلًا لذلك، ولم تكن ممن تقيم الحجة، وتمنع القراءة لأنها أسوأ حالًا من الجنب، ويمنع الصوم دون وجوبه. والفرق بين الصوم والصلاة من حيث المعنى: هو أن قضاء الصوم لا يشق؛ لأنه ربما يفسد من شهر رمضان خمسة عشر يومًا ولا يشق قضاء ذلك في باقي السنة. والصلاة تتكرر (٢٣٦٥ أ/ ١)، فإذا قضت في كل شهر أدي إلى المشقة، ولأن الصوم لم تبن على أن تؤخر ثم تقضى، بل لا تجنب في مواضع، ومتى وجبت لم يجز تأخيرها بعذر.
والصوم بنى على ترك بعذر المرض، أو السفر والقضاء بعده، فجاز لها أن تترك أيضًا ثم تقضيه، ولهذا يترك المسافر ركعتين لا إلى القضاء ويترك الصوم إلى القضاء.
وأما الاستمتاع بها فهو على ثلاثة أضرب؛ محظور، ومباح، ومختلف فيه فالمحظور: هو الوطء في الفرج، كقوله تعالى:{لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة:٢٢٢]. وروى أن اليهود كانوا يعتزلون الحيض أشد الاعتزال فلا يواكلوهن، ولا يشار بوهن، ولا يساكنونهن في بيت واحد، ولا يتناولونهن الطعام إلا برأس خشبة. والنصارى كانوا يخالطون الحيض أكثر من مخالطة الطاهرات، يتقربون بذلك إلى الله تعالى، فلما جاء الإسلام سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت هذه الآية، فظن المسلمون أنهم أمرور بمثل ما تفعله اليهود، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:" وأكلوهن وشاربوهن وضاجعوهن، وافعلوا بهن كل شيء إلا الجماع ". فقالت اليهود: لا يدع هذا الرجل شيئًا إلا خالفنا فيه، فسمعه سعد بن عبادة، فأراد مغايظتهم، فأتى [٢٦٥ ب/١]