للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النضير، والنصف من فدك، والثلث من وادي القرى، وثلثه حصون من خيبر الكتيبة، والوطيح، والسلالم فهذه صدقة تصدق بها في حياته لا تورث عنه، وما ملك من ذلك بعد وفاته فسهمه من خمس الخمس من الفيء والغنيمة مصروف بعده في المصالح من الكراع والسلاح، وأرزاق المقاتلة والقضاة والأئمة، وعمارات المساجد، وقناطر السائلة، وأما سهمه من أربعة أخماس الفيء ففي مصرفه قولان:

أحدهما: في المقاتلة من الجيش الذي يذبون عن البيضة ويمنعون عن الحرفة ويجاهدون العدو، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ملكه في حياته لرعب العدو منه ورعب العدو بعده من الجيش المقاتلة، فملكوه بعده ما ملكه، فعلى هذا يصرف جميعه فيهم وإن فضل عن كفايتهم ولا يصرف منه شي، في غير ذلك من وجوه المصالح.

والثاني: أنه يصرف جميعه في المصالح كلها، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يملك ذلك ويصرفه فيها، فمن المصالح إعطاء الجيشء وأرزاق المقاتلة، وما قدمناه ذكر مما فيه إعزاز الإسلام وصلاح المسلمين، فعلى هذا لا تزداد جيوش المقاتلة على قدر كفاياتهم، لخروج الزيادة عن المصالحة، وأما الصفى فقد سقط حكمه وبطل أن يستحقه أحد بعده.

فصل

فإذا تقرر أن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده من الفيء والغنيمة مصروف فيما وصغنا فالإمام الناظر فيه كأحد أهل الجيش فيما يستحق منهء وهو قدر كفايته، يأخذه رزقاً كأرزاق الجيش.

وقال: لا يملك الإمام بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الفيء والغنيمة ما كان يملكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصير مالكاً لخمس الخمس من الفيء والغنيمة، ولأربعة أخماس الفيء استدلالاً برواية أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أطعم الله نبياً طعمة ثم قبضه إلا جعلها للذي أتى بعده (١).

وهذا القول خطأ، والدليل على فساده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم" (٢) فصار مردوداً عليها بعد موته لا على الخليفة من بعده، ولأن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم من بعده لم يتملكوا من ذلك ما كان يملكه، فانعقد به الإجماع على رد ما خالفه.

فأما الخبر المستدل به فمعناه: ما أطعم الله نبياً طعمة إلا جعل النظر فيها لمن يأتي بده لا ملكاً له.

فصل

فإذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث، وأن الخليفة بعده لا يملكه ثبت من التعليل الذي


(١) أخرجه أحمد (١/ ٤).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>