للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرناه أن مصرفه فيما وصفناه، فإذا كان كذلك فالفيء والغنيمة يجتمعان من وجهين، ويفترقان من وجهين، فأما وجها الاجتماع.

فأحدهما: أن كل واحد منهما مأخوذ من مشرك.

والثاني: أن كل واحد منهما بخمس.

وقال أبو حنيفة: مال الفيء لا يخمس، وفي نص الآية ما يدفع قوله.

وأما وجه الافتراق:

فأحدهما: في الاسم، فإن كل واحد منهما يختص باسم والثاني: في حكم أربعة أخماسها فإن مصرفهما مختلف.

فصل

فأما قول الشافعي في صدر هذا الباب "أصل ما يقوم به الولاة من جعل المال ثلاثة وجوه:

أحدها: ما أخذ من مال مسلم تطهيراً له فذلك لأهل الصدقات لا لأهل الفيء، والوجهان الآخران ما أخذ من مال مشرك، وكلاهما مبين في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله" فجعله نظر الإمام في الأموال مختص بثلاثة أموال:

أحدها: ما أخذ من المسلمين من صدقات أموالهم تطهيراً لهم وهي الزكاة.

والثاني: ما أخذ من المشركين عنوه وهو الغنيمة.

والثالث: ما أخذ من المشركين عفواً وهو الفيء، وكل واحد من هذه الأموال الثلاثة منصوص في كتاب الله عز وجل على وجوبه وجهة مصرفه، وليس قيام الإمام به إلا قيام نيابة إلا أنه في الزكاة ينوب عن معطيها ومستحقها معاً، وفي الفيء والغنيمة ينوب عن مستحقها دون معطيها، لأن نيابته عن المسلمين لا عن المشركين، ثم إن أصحابنا اعترضوا على هذا الفصل، من كلام الشافعي من وجهين:

أحدهما: قالوا: قد جعل الشافعي نظر الإمام مقصوراً على النظر في ثلاثة أموال، وقد ينظر الإمام في الموات وفي المعادن الباطنة، والجواب عنه أنه إنما قد خص الأموال الثلاثة بنظره لاختصاص وجوبها لكتاب الله وتعين مستحقها في كتاب الله وليس غيرها مساوياً لها في هذين الحكمين فتميزت في نظره.

والثاني: أن قالوا: قد جعل الإمام مختصاً بالولاية على الصدقات ولو أخرجها أربابها أجزاء فلم يكن يختص بالولاية عليها، والجواب عنه أن يقال لهم أما الأموال الباطنة، وإن جاز لأربابها أن ينفردوا بإخراجها فولايته فيها على من امتنع من أدائها أن يأخذها منه جبراً فلو لم يكن له ولاية عليها لما اعترض عليهم في أخذها جبراً منهم، وأما الأموال الظاهرة قولان:

أحدهما: أنه لا يصح من أربابها أن ينفردوا بإخراجها، فعلى هذا تكون ولايته عامة

<<  <  ج: ص:  >  >>