للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال:٤١] وروى مجمع بن جارية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر بين الغانمين على ثمانية عشر سهماً، وذلك أن الغانمين كانوا ألفاً وأربعمائة، منهم مائتا فارس أعطى كل فارس ثلاثة أسهم، فكان لهم ستمائة سهم ولألف ومائتي رجل ألف ومائتا سهم؛ صارت جميع السهام ألفاً وثمانمائة سهم فقسمها على ثمانية عشرة منهم، وأعطى كل مائة سهماً (١)، ولذلك روى أن عمر - رضي الله عنه - مالك مائة سهم من خيبر ابتاعها، وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني قد أصبت ما لم أصب قط مثله، وقد أحببت أن أتقرب إلى الله تعالى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حبس الأصل وسبل الثمرة (٢)؛ فدلت قسمتها وابتياع عمر لها المائة سهم منها على أنها طلق مملوك ومال مقسوم. وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر على بني قريظة، فقسم عقارهم من الأرضين والنخيل قسمة الأموال.

وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عصبة الله ورسوله فخمسها لله ورسوله ثم هي لكم مني (٣) إنما قربه؛ ولأنه مال مغنوم فوجب أن يقسم كالمنفول، ولأن ما استحق به قسمة المنفول استحق به قسمة غير المنقول كالميراث.

وأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة أن عمر - رضي الله عنه - شاور علياً عليه السلام في قسم السواد، فأشار عليه بالترك، فهو أن عمر - رضي الله عنه - قسم أرض السواد بين الغانمين، واشغلوه أربع سنين ثم رأى أن الغانمين قد تشاغلوا به عن الجهاد، فاستنزلهم عنه فنزلوا؛ وترك جرير بن عبد الجبلي، وأكثر قومه وكانت نخيلة ربع الناس، فأبت طائفة منهم أن ينزلوا فعاوضهم عنه وجاءته أم كرز، فقالت: إن أبي شهد القادسية، وأنه مات ولا أنزل عن حقي إلا أن تركبني ناقة زلولاً، عليها قطيفة حمراء، وتملأ كفي ذهباً، ففعل حتى نزلت عن حقها، وكان قدر ما ملئ به كفها ذهباً نيفاً وثمانين مثقالاً، فلولا أن قسمة ذلك واجبة، وأن أملاك الغانمين عليها مستقرة، لما استنزلهم عنها بطيب نفس ومعاوضة، فلما صارت للمسلمين شاور عليها فيها فقال: دعها تكون عدة لهم، فوقفها عليهم، وضرب عليها خراجاً هو عند الشافعي أجرة وعنا أبي العباس بن سريج ثمن، وأما أرض مصر فبعض فتوحها عنوة وبعضها صلح، ولم يتعين نزاع عمرو والزبير في أحدهما فلم يكن فيه دليل.

وأما الجواب عن قياسه عن الرقاب فهو أنه منتقض بالمنقول، فإن عمر صالح نصارى العرب على مضاعفة الصدقة على مواشيهم وزروعهم وسائر أموالهم وكان ذلك


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١٢٨٢٤)، وبنحوه أبو داود (٢٧٣٦).
(٢) أخرجه الشافعي في "المسند" (٤٥٧)، وأحمد (٢/ ١١٤)، والنسائي (٣٦٠٥)، وابن ماجه (٢٣٩٧)، والبيهقي في "الكبرى" (١١٩٠٤، ١١٩٠٥).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣١٧)، وأبو داود (٣٠٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>