للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل بدر عذاب عظيم قاله ابن عباس وأبو هريرة والحسن وعبيدة.

والثاني: لولا كتاب من الله سبق في أهل بدر أن يعذبهم لمسهم فيما أخذوا من فداء أسرى بدر عذاب عظيم قال مجاهد وسعيد بن جبير.

والثالث: قول الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} [الأنفال: ٦٩] يعني به مال الغنيمة والفداء، والله أعلم.

وأما الجواب عن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة:٥] فهو أنه على طريق الإباحة وإن أخرج مخرج الأمر؛ لأنه بعد حظر، وإذا أباحت هذه الآية القتل لم تمنع من جواز المنّ والفداء.

وأما الجواب عن تحريم المنّ عليهم لسلاحهم وعبدهم؛ فمن وجهين:

أحدهما: أن السلاح والعبيد والمال لا يجوز للإمام إتلافه فلم يجز له المنّ به، وليس الرجال الأحرار مال لأنه يجوز له إتلافهم فجاز له المنّ بهم.

والثاني: أن السلاح والعبيد قد دخلا في ملك الغانمين فلم يكن للإمام في المنّ بهما اجتهاد. ولم يدخل الرجال الأحرار في ملك الغانمين، فجاز أن يكون للإمام في المنّ عليهم اجتهاد.

وأما الجواب عن قولهم إنه لا مصلحة في المنّ والفداء فهو إننا نجوزه مع ظهور المصلحة فيمن يرجئ إسلامه أو تآلف قومه ويمنع عند عدم المصلحة وظهور الضرر، والله أعلم.

مسألة (١)

قال الشافعي رحمه الله: "لا ينبغي للإمام أن يعزل خمس ما حصل بعدها وصفنا كاملًا ويقر أربعة أخماسه لأهلها ثم يحسب من حضر القتال من الرجال المسلمين البالغين ويرضخ من ذلك لمن حضر من أهل الذمة وغير البالغين من المسلمين والنساء فينفلهم شيئًا لحضورهم ويرضخ لمن قاتل أكثر من غيره وقد قيل: يرضخ لهم من الجميع".

قال في الحاوي: وهذا صحيح، وجملة مال الغنيمة أنه لصنفين: لحاضر، وغائب فأما الغائبون فهم أهل الخمس يستحقونه بأوصافهم لا بحضورهم ولا يزاد منهم حاضر لحضوره على غائب لغيبته.

وأما الحاضرون فضربان:

أحدهما: من تفرد منهما بحق معين لا يشاركه فيه غيره وهو القاتل يستحق سلب قتيله لا يشارك فيه وقد مضى حكمه.


(١) أنظر الأم (٣/ ١٨٨، ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>