قال في الحاوي: وهذا صحيح. وهذه المسألة تشتمل على فصلين:
أحدهما: فيمن دخل أرض العدو فارساً، ثم نفق فرسه أو باعه أو أجره قبل حضور الوقعة حتى حضرها راجلا، لم يسهم له.
وقال أبو حنيفة: يسهم له إذا زال عن ملكه بعد دخول الحرب وان لم يشهد الوقعة. وقال محمد بن الحسن: إن زال ملكه عنه بغير اختياره كنفاقه أو سرقته أسهم له، وان زال باختياره كبيعه أو هبته، لم يسهم له، وقد روى عن أبي حنيفة مثله، وروى عنه مثل قولنا، فصار عن أبي حنيفة ثلاث روايات أشهرها الأولى.
والثاني: فيمن دخل أرض العدو راجلاً، ثم ملك قبل تقضي الحرب فرساً بابتياع أو هبة فحضر به الوقعة أسهم له.
وقال أبو حنيفة: لا يسهم له اعتباراً في استحقاق السهم بدخول دار الحرب فارساً في الفصلين معاً استدلالاً لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال: ٦٠] فكان المأمور به هو الإعداد، وقد أعده بدخول دار الحرب فاستحق سهمه.
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:"ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا" فدل على أن دخول دار الحرب قد حصل الإذلال والقهر، فاستحق به السهم، قالوا: ولأن سهم فرسه في مقابلة ما تكلفه من مؤنته، وقد تكلفها فاستحق السهم بها، وربما حرروا هذا الاعتلال قياساً فقالوا: لأنه دخل دار الحرب فارساً مجاهداً، فاستحق سهم الفارس كالحاضر للواقعة والدليل على أن اعتبار استحقاق السهم في الفصلين معاً بحضور الوقعة لا بدخول دار الحرب قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}[الأنفال: ٤١] فاعتبر بملك حال المغنم إجازته، فلم يجز أن يملك قبلها، لأن الفرس تابع والمالك متبوع، فلما كان موت المالك المتبوع بعد دخول دار الحرب وقبل الوقعة يمنح من استحقاق سهمه فالفرس التابع أولى أن يكون موته مانعاً من استحقاقه.
وتحريره قياساً أنه ذو سهم مات قبل حضور الوقعة، فلم يسهم له كالمالك ولأن يا المسلمين على ما دخل إلى دار الإسلام أثبت وأقوى منها على ما في دار الحرب، فلما استوي اعتبار سهم الغارس والفرس في دار الإسلام، كان أولى أن يعتبر في دار الحرب بحضور الوقعة.
ويتحرر من هذا الاعتلال قياسان:
أحدهما: أن كل حال منع ما قبلها من استحقاق سهم الفارس منع من استحقاق سهم الفرس قياساً على دار الإسلام.
والثاني: أن كل مغنم منع بدار الإسلام من استحقاقه منعت دار الحرب من