فأما الجواب عن الآية، فهو أن المأمور به هو القتال بعد الاستعداد لا الاقتصار على الاستعداد ألا ترى أن لو استعد ولم يحضر لم يسهم له، ولو حضر ولم يستعد أسهم له، فإن قيل: فالرهبة قد وقعت بالفرس في دخول دار الحرب قبل الرهبة بالفارس لا بالفرس، ثم ليت الرهبة من الفارس بدخوله دار الحرب موجبة لهمهء فكذلك لفرسه.
وأما قول علي بن أبي طالب عليه السلام:"ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا"، فالجواب عنه أنه جعل الغزو في الدار هو الإذلال لا دخول الدار على أن الغنيمة لا تملك بالإذلال، وإنما تملك بالغلبة والإجازة وأما الجواب عن استدلالهم بما تكلفه من مؤنته، فهو أنه ليس تكلف المؤنة موجباً لملك السهم في المغنم، ألا تراه لو تكنها لفرسه فهلك قبل دخول دار الحرب، أو تكلفها لنفسه وهلك بعد دخول دار الحرب لم يسهم لواحد منها، فبطل التعليل بذلك.
مسألة (١)
قال الشافعي رحمه الله:"ولو دخل يريد الجهاد فمرض ولم يقاتل أسهم له".
قال في الحاوي: أما الصحيح إذا حضر الواقعة فله سهمه، قاتل أو لم يقاتل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية من حنين إلى أوطاس فغنمتء فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم وبين من أقام بحنين، ولم يحضر معهمء فكان الحاضر معهم وان لم يقاتل أولى أن يشركهم ولأنه إذا حضر هيب وكثر وأرهب وخوف، فصار حضوره مؤثرا كالمقاتل؛ ولأنه ليس من عادة جميع الجيش أن يقاتل بعضهم، ويكون الباقون رداً لهم لتقوى نفى المقاتل بحضور من لا يقاتل.
وأما إذا أحضرها وهو مريض أو كان صحيحاً فمرض فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون مريضا يقدر على القتال كالصداع والسعال ونفور الطحال والحمى القرنية، فهذا يسهم له، لا يختلف فيه لعدم تأثيره، وقله خلو الأبدان من مثله.
والثاني: أن يكون مريضا لا يقدر على القتال معه ففي استحقاقه للسهم ثلاثة أوجه لأصحابنا:
أحدها: وهو ظاهر نص الشافعي هاهنا أنه يهم له لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الغنيمة لمن شهد الوقعة"، ولأنه مهيب ومكثر كالصحيح؛ ولأنه قد ينفع برأيه أكثر من نفعه بقتاله.
والثاني: أن لا يسهم له ويعطي رضخاً؛ لأنه مسلوب النهوض بالمرض فصار كالصبي والمجنون.
والثالث: أنه إن كان مريضا يخرج به، من أهل الجهاد كالعمى وقطع اليدين أو