للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمساكين؛ بقوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧] فحظروا بهذا التعليل على الأغنياء وثبوت حقهم فيه يوجب التسوية بين الفقراء والأغنياء؛ فدل على سقوطه بما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: دعاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد عزل لنا سهم ذي القربى فقلت إن بني هاشم عنه في غناء وان بالمسلمين حلة وفاقة فإن رأيت أن ترده عليهم، فلما تركه للغني دل على أنهم كانوا يأخذونه بالفقر.

قال: ولأن كل مال لم يجز صرفه إلى أغنياء غير ذي القربة لم يجز صرفه إلى أغنياء ذي القربى كالصدقات، ولأنهم صنفه مسمى في الخمس؛ فوجب أن لا يستحقوه مع الغني كاليتامى والدليل على ما قلناه وهو أن سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابت في رواية محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم: فدل رده ثبوته وان تغير حكمه، لا على سقوطه.

وروى الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا وكاب فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون المسلمين، وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، فما فضل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوليها أبو بكر مثل ما وليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وليها عمر بمثل ما وليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر فموضع الدلالة من هذا الخبر أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما سلكا بحقه بعد وفاته مسلكه بحقه في حياته؛ فدل على بقائه وثبوته؛ ولأن ما استحق من سهام الخمس لم يسقط كسائر السهام.

فصل

والدليل على أن سهم ذوي القربى ثابت يستحق مع الغنى والفقر، قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: ٧] فأضاف الخمس إلى خمسة أصناف بلام التمليك، وجمع بينهم بواو التشريك، فاقتضى الظاهر تساويهم بجميعهم بالأوصاف التي أضافها الله تعالى إليهم، وهو إنما وصفهم بأي القربى فدل على استحقاقهم إياه باسم القرابة لا بالفقر وقال تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الروم: ٣٨] قال السدي: هم ذوي القربى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم وبني المطلب وروى الشافعي عن مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن ابن شهاب قال: اخبرني محمد بن جبير عن أبيه قال لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعمان بن عفان فقلت: يا رسول الله هؤلاء لإخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله منهم أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما قرابتنا واحدة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>