للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه بلغ في العطاء خمسة ألاف وهي أكر من كفاية الرجل لنفسه ومنهم من قال: خمسة ألاف بالمدينة ويغزو إذا غزى وليست بأكثر من الكفاية إذا غزا عليها لبعد المغزى. قال الشافعي: وهذا كالكفاية على أنه يغزو وان لم يغز في كل سنة".

قال في الحاوي: وهذا صحيح وإذا قد مضى ما يتعذر به العطاء فهذا الفصل يشتمل على فصلين:

أحدهما: وقت العطاء وزمانه.

والثاني: جنسه ونوعه.

وهذا الفصلان يختلفان باختلاف قوليه في مال الفيء.

فإن قيل: إنه ملك للجيش خاصة فوقت العطاء هو الوقت الذي يتكامل فيه حصول المال سواء تعجل أو تأجل، وليس للإمام أن يؤخره عنهم إذا حصل ولا لهم مطالبته به إن تأخر إلا أن يؤخر جبايته بعد استحقاقه فلهم أن يطالبوه باجتبائه واستخلاصه، ثم الجنس الحاصل من المال هو الذي يستحق دفعه إليهم سوا، كان ورقاً أو ذهباً أو حنطة أو شعيراً إلا أن يكون من جملة عروض فتباع وتضم أثمانها إلى المال ثم مذهب الشافعي أنه يجمع الفيء في جميع الأقاليم فيقسم في جميع أهل الفيء حتى يساوي جميع أهل الفيء في كل مال الفيء، وعلى مذهبه أبي إسحاق المروزي أنه يقسم مال كل إقليم في أهله.

فصل

فأما إذا قيل إن أربعة أخماس الفيء مصروف في وجوه المصالح العامة التي منها عطاء الجيش وجب بيان الفصلين في وقت العطاء وجني المال المعطى. فأما وقت الوعطاء فهو معتبر بمال الفيء فإن كان مستحقاً في دفعة واحدة جعل وقت العطاء في دفعة واحدة من السنة، وينبغي أن يكون الوقت من السنة معلوماً عند جميع أهل الفيء ليقدر إليه نفقاتهم يتوقعوا فيهم أرزاقهم وينظرهم إليه تجارهم، ويختار أن يكون في المحرم، لأنه أول السنة العربية، فإذا حل وفاهم عطاء السنة بأسره، وإذا كان مال الفيء مستحقاً في أوقات شتى من السنة جعل للعطاء وقتين وقسمة نصفين وأعطاهم بعد كل ستة أشهر نصفه ولا يجب أن يعجل للعطاء في السنة أكثر من وقتين ولا أن يجعله مشاهرة، وإن قبض مال الفيء مشاهرة لأمرين:

أحدهما: لئلا يصير الجيش متشاغلاً في كل السنة بالقبض والطلب.

والثاني: كي لا ينقطع عن الجهاد توقعاً لحلول الشهور أو تتأخر عنهم إن خرجوا.

فإن قيل: أفيكون العطاء لما مضى من المدة أو لما يستقبل منها.

قيل: ليس هو لما مضى ولا لما يستقبل لأن أرزاق المقاتلة تجري مجرى الجعالة، والوجوب متعلق بحصول المال والأداء مستحق بحلول الوقت وعلى القول الأول يكون الوجوب والأداء معاً متعلقين بحصول المال والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>