للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في الحاوي: وهذا كما قال: لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:١٠٣] وفي قوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:١٠٣] تأويلان:

أحدهما: الاستغفار لهم، وهو قول ابن عباس.

والثاني: أنه الدعاء لهم، وهو قول الأكثرين.

وفي قوله تعالى: {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:١٠٣] ثلاثة تأويلات:

أحدها: قربه لهم رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: رحمة لهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: أمن لهم.

ثم الدعاء ندب على الآخذ لها إن لم يسأل الدعاء وأوجبه داود، وإن سئل الدعاء، ففي وجوبه عليه وجهان:

أحدهما: أنه واجب لرواية عبد الله بن أبي أوفى عن أبيه، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقات قومي فقلت: يا رسول الله صل علي فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى" (١)، وليقع بذلك الفرق بين الجزية المأخوذة صغاراً بين الزكاة المأخوذة تطهيراً.

والثاني: أنه مستحب غير واجب، لأن أجره على الله تعالى لا على الآخذ لها كغيرها من العبادات التي لا يلزم الدعاء لفاعلها.

وقيل: إنه إن كان الإمام هو الآخذ لها لزمه الدعاء لما في دفعها إليه من إظهار طاعته، وإن كان الفقير وهو الآخذ لها لم يلزمه وقيل: بضده: إن الدعاء يلزم الفقير دون الإمام، لأن دفعها إلى الإمام متعين والى الفقير غير متعين، فأما ما يدعو به الآخذ فقد مضى في كتاب الزكاة.

مسألة (٢)

قال الشافعي: "والصدقة هي الزكاة والأغلب على أفواه العامة أن للثمر عشراً والماشية صدقة وللورق زكاة وقد سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا كله صدقه".

قال في الحاوي: وهذا صحيح قد كان الشافعي يرى في القديم: أن المأخوذ من الزرع والثمر يسمى عشراً، والمأخوذ من الماشية يسمى صدقة، والمأخوذ من الذهب والورق يسمى زكاة، ولا يجعل لاختلاف الأسماء تأثيراً في اختلاف الأحكام.

وقال أبو حنيفة: هي مختلفة الأسماء على ما ذكرنا، واختلاف الأسماء يدل على اختلاف الأحكام، فخص المأخوذ من الزرع والثمر باسم العشر دون الصدقة والزكاة، وجعل حكمه مخالفاً لحكم الصدقة والزكاة من وجهين:


(١) تقدم تخريجه مراراً.
(٢) أنظر الأم (٣/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>