للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: وجوب العشر في مال المكاتب والذمي، وإن لم تجب في مالهما وصدقة ولا زكاة.

والثاني: جواز مصرف العشر في أهل الفيء، وإن لم تصرف فيهم صدقة ولا زكاة. وقال الشافعي في الجديد: الأسماء مشتركة والأحكام متساوية، وإن المأخوذ من الزرع والثمر يجوز أن يسمى صدقة وزكاة، أما تسميته بالصدقة فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: فما دون خمسة، أوسق من التمر صدقة، وأما تسميته زكاة فلقوله - صلى الله عليه وسلم - في الكرم: "يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدي زكاته زبيباً كما تؤدي زكاة النخل ثمراً" (١) وإذا ثبت أن الأسماء مشتركة ثبت أن الأحكام متساوية، ولأنه لما ثبت ذلك في مال المسلم، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس في المال حق سوى الزكاة" (٢) ثبت أنه زكاة، ولأن كل ما كان طهرة للمسلم في ماله كان زكاة لماله كالزكاة.

مسألة (٣)

قال الشافعي: "فما أخذ من مسلم من زكاة مال ناض أو ماشية أو زرع أو زكاة فطر أو خمس ركاز أو صدقة معدن أو غيره مما وجب عليه في ماله بكتاب أو منه أو إجماع عوام المسلمين فمعناه واحد وقسمه واحد وقسم الفيء خلاف هذا فالفيء ما أخذ من مشرك تقوية لأمل دين الله وله موضع غير هذا الموضع".

قال في الحاوي: وهذا كما قال كلما وجب في مال المسلم من حق، إما بحلول الحول كالمواشي وزكاة الذهب والورق أو بتكامل المنفعة كالزروع والثمار أو الاستفادة كالمعادن والركاز أو عن رقبة كزكاة الفطر، فمصرف جميعه واحد في السهمان الموضوعة في الزكوات والصدقات بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:٦٠] الآية إلى أنه ما تجب زكاته بالحول إذا حال عليه في يده أحوال زكاة في كل حول كالمواشي والذهب والورق، وما يجب زكاته بتكامل المنفعة كالزروع والثمار، إذا بقي في يده أحوال لم يزكه إلا الزكاة الأولى وما استفيد من معادن الذهب والورق أو ركاز زكى في كل حول؛ لأنهما ذهبه وورق يراعى فيها بعد الاستفادة حلول الحول، وخولف الشافعي في هذه الجملة في أربعة أشياء:

أحدها: الزروع والثمار، فجعل أبو حنيفة مصرف عشرها مصرف الفيء دون الزكاة، وقد مضى الكلام معه في كتاب الزكاة.

والثاني: زكاة الفطر جعل مالك مصرفها في المساكين خاصة، وقال أبو سعيد الاصطخري: إن فرقت في ثلاثة فقراء أجزأت.


(١) تقدم تخريجه في كتاب "الزكاة".
(٢) تقدم تخريجه في كتاب "الزكاة".
(٣) انظر الأم (٣/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>