للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من غير أن تسال فكل وتصدق" (١) لدل على ما ذكرنا من الخبرين على جواز ذلك مع الغنى والفقر.

والثاني: أن تكون أجور العاملين أقل وسهمهم أكثر فيدفع إليهم من سهمهم قدر أجورهم، ويرد الفاضل منه على السهمان كلها بالتسوية ولا يستبقي لعامله غلى غير ذلك الصدقة.

والثالث: أن تكون أجور العاملين أكثر وسهمهم أقل فيدفع إليهم سهمهم ويتمم له باقي أجورهم ومن أين يتمم؟ فيه قولان:

أحدهما: من تلك الصدقة التي عملوا فيها لاختصاص عملهم بها.

والثاني: من مال المصالح وهو خمس الخمس من الفيء والغنيمة لأن ذلك جملتها.

فصل

وأما استعمال ذوي القربى على الصدقات فإن تطوعوا بالعمل من غير أجر جاز وسقط من تلك الصدقة التي عملوا فيها سهم العاملين عليها كما يجوز للإمام أن يتولاها، وإن كان من ذوي القربى لأنه يأخذ منها ويسقط سهم العاملين منها، وإن أراد العامل من ذوي القربى أن يعمل عليها ويأخذ سهم عمله منها، ففي جوازه ثلاثة أوجه:

أحدهما: يجوز لأنها معاوضة لا يراعى فيها الفقراء فلم يراعى فيها النسب، ولأنه لما جاز أن يفاضلوا على عملهم فيها ما يلزم رب المال من أجره الكيل والوزن وما يلزم أهل الصدقات من أجرة الحفظ والنقل، جاز أن يفاضلوا عليه بما يزم في مال الصدقات من سهم العاملين.

والثاني: وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يجوز لتحريم الصدقات عليهم، روي أن الفضل بن العباس والمطلب بن ربيعة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عمالة الصدقة فقال: إن الصدقة من أوساخ الناس لا يحل لمحمد وأل محمد منها شيء".

وروي عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة، ولأن الله تعالى جعل سهمهم من خمس الخمس من الفيء والغنيمة عوضاً عن مال الصدقة.

والثالثة: وهو قول أبي سعيد الاصطخري إن كانوا يعطون سهمهم من الخمس لم يجز وإن كانوا لا يعطون جاز لأن لا يجمعوا بين مالين إن أعطوا لا يحرموا المالين إن منعوا، فأما مولى ذوي القربى فقد اختلف أصحابنا فيهم على وجهين:

أحدهما: أنهم كذوي القربى في تحريم الصدقات عليهم لرواية أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل على الصدقة رجلاً من بني مخزوم فقلت له:


(١) أخرجه مسلم (١١٢/ ١٠٤٥)، وأبو داود (١٦٤٧)، والنسائي (٢٦٠٤)، وأحمد (١/ ٥٢) والبيهقي في "الكبرى" (١٣١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>