للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أثبت لي سهماً منها، فقال حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن ذلك فقال: "إن مولى القوم منهم وإنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة" (١).

والثاني: أنها لا تحرم عليهم ويجوز أن يكون المولى منهم عاملاً عليها، لأن تحريمه على ذوي القربى لأمرين تفردوا بهما عن مواليهم:

أحدهما: شرف نسبهم الذي فضلوا به.

والثاني: سهمهم من الخمس الذي تفردوا به.

فوجب أن يختصوا بتحريم الصدقات دون مواليهم والله أعلم.

فصل

إذا تلفت الصدقة في يد العامل فهو عليها أمين لا يضمنها إلا بالعدوان ثم لا يخلو أن يكون قد أخذ سهمه منها أو لم يأخذ، فإن أخذه لم يلزمه رده؛ لأنه قد استحقه بعمله، إلا أن يكون قد أخذ أجرة القبض والتفريق، فيلزمه إذا تلفت قبل التفريق أن يرد من الأجرة ما قابل أجرة التفريق، وإن لم يكن قد أخذ سهمه من المال قبل تلفه أعطى أجره من سهم المصالح من الخمس، لم يفوت عليه بغير بدل وبالله التوفيق.

مسألة (٢)

قال الشافعي: "والمؤلفة قلوبهم في متقدم الأخبار ضربان: ضرب مسلمون أشراف مطاعون يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من نياتم ما يرون من نيات غيرهم، فإذا كانوا هكذا فأرى أن يعطوا من سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو خمس الخمس ما يتألفون به سوى سهامهم مع المسلمين وذلك أن الله تعالى جعل هذا السهم خالصاً لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فرده في مصلحة المسلمين. واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة يوم حنين من الخمس مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط عباس بن مرداس وكان شريفاً عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - مال الشافعي رحمه الله لما أراد ما أراد القوم احتمل أن يكون دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه شيء حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله حيث رأى أن يعطيه لأنه له - صلى الله عليه وسلم - خالصاً للتقوية بالعطية ولا نرى أن قد وضع من شرفه فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد أعطى من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له وأعطى صفوان بن أميه ولم يسلم ولكنه أعاره أداة فقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين أول النهار فقال له رجل غلبت هوازن وقتل محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال صفوان بن أميه بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن ثم أسلم قومه من قريش وكان كأنه لا


(١) تقدم تخريجه في كتاب "الزكاة".
(٢) انظر الأم (٣/ ٢٢٤ - ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>