للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مالكاً؟ لأن بالدفع قد سقطت الزكاة عن رب المال من غير أن يكون مراعاً بإحداث سفر أو جهاد لكن على الدافع مطالبة المدفوع إليه فإن كان عام الزكاة باقياً خيره في المطالبة بين رد ما أخذه وبين أن يستأنف سفراً، وغزواً، وإن كان عام الزكاة قد انقضى طالبه بالرد من غير تخيير، لأن زكاة كل عام مستحقة لأهلها في ذلك العام، لا في غيره، فإن لم يسترجع منه حتى سافر وغزا في العام الثاني نظر فإن كان قد أخذ في العام الثاني من زكاة ثانية استرجع منه ما أخذه في العام الأول، لأنه قد أخذ في العام الثاني ما استحقه بسفره وغزوه، وإن كان لم يأخذ في العام الثاني من زكاته ثانية يسترجع منه ما أخذه العام الأول، وكانت بمثابة زكاة أخرت من عام إلى عام، فإنها تقع موقع الأجزاء، وإن كره التأخير مع إمكان التعجيل فلو مات المدفوع إليه قبل السفر والغزو ولم يكن استرجاع ما أخذ، كان ذلك تالفاً في حق أهل السهمان.

فصل

وأما القسم الثالث: الذي يختلف فيه الضمان باختلاف حال الدافع إن كان إماماً أو مالكاً فهو مسألة الكتاب، وهو أن يدفعها إلى من يستحقها بالفقر والمسكنة فتبين غير مستحق فهذا على ضربين:

أحدهما: أن لا يستحقها لعدم الفقر.

والثاني: أن لا يستحقها مع وجود الفقر لسبب يمنع من جواز الأخذ فأما الضرب الأول: فهو أن يدفعها إلى رجل ظن به فقراً فبان غنياً، فإن كان الدافع لم يجتهد عند الدفع ضمن إماماً أو مالكاً لأن ترك الاجتهاد تفريط وإن كان قد اجتهد عند الدفع نظر فإن كان الدافع لها إماماً أو والياً عليها من قبل الإمام لم يضمن، لأنه أمير عليها لم يفرط فيها ولكن له استرجاعها من الآخذ لها إن كان حياً من تركته إن كان ميتاً سواء شرط عند الدفع أنها زكاة أو لم يشرط؛ لأن الوالي لا يدفع من الأموال إلا ما وجب وإن كان الدافع لها هو رب المال، ففي وجوب ضمانه قولان:

أحدهما: أنه لا يضمن كالإمام.

والثاني: يضمن بخلاف الإمام، والفرق بينهما من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن للإمام عليها ولاية ليست لرب المال فلم يضمنها إلا بالعدوان.

والثاني: أن الإمام بريء الذمة من ضمانها قبل الدفع فلم يضمنها إلا بتفريط ظاهر ورب المال مرتهن الذمة بضمانها قبل الدفع فلم يبرأ منها إلا باستحقاق ظاهر.

والثالث: أن الإمام لا يقدر على دفعها إلى مستحقها إلا باجتهاد دون اليقين فلم يضمن إذا اجتهد، ورب المال يقدر على دفعها إلى مستحقها بيقين، وهو الإمام مضمونة إذا دفعها بالاجتهاد.

فإذا تقرر هذا نظر في رب المال، فإن شرط عند الدفع أنها زكاة كان له استرجاعها من الآخذ لها إذا كان غنياً، وإن لم يشترط ذلك عند الدفع نظر في الآخذ لها فإن صدقه

<<  <  ج: ص:  >  >>