أنها زكاة لزمه ردها، وإن لم يصدقه من يلزمه ردها بخلاف الإمام؛ لأن رب المال قد يعطى فرضاً وتطوعاً فلم يسترجع إلا بشرط والإمام لا يعطى إلا فرضاً واجباً فجاز أن يسترجع بغير شرط، ولأن للإمام ولاية على أهل السهمان فكان قوله عليهم مقبولاً وليس لرب المال عليهم ولاية فلم يقبل قوله عليهم فكان هذا فرقاً بين الإمام ورب المال في جواز الاسترجاع عند عدم الشرط، ولكن اختلف أصحابنا هل يكون لرب المال إحلاف المدفوع إليه؟ أنه لا يعلم أن ما أخذه تعجيل أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: له إحلافه، لأنه لو عمل لزمه الرد.
والثاني: ليس له إحلاف لأنه هو المفرط حيث لم يشترط، ولكن لو قال رب المال: شرطت التعجيل وقال المدفوع إليه: لم يشترط، كان له إحلافه وجهاً لوجه.
فصل
وأما الضرب الثاني وهو أن يكون غير مستحق لها مع الفقر لسبب يمنع من جواز الآخذ كفقير دفعت إليه، وظاهره الحرية فبان عبداً أو كان ظاهره الإسلام فبان كافراً، أو كان ظاهره أنه في سائر الناس فبان في ذوي القربى من بني هاشم بني المطلب رضوان الله عليهم فإن كان الدافع لم يجتهد في الآخذ لها عنا الدفع فعليه الضمان والياً كان أو مالكاً، وإن كان قد اجتهد فقد اختلف أصحابنا في ذلك على طريقتين:
إحداهما: أن الخطأ في ذلك كالخطأ في الفقير فلا يضمن إن كان والياً وفي ضمانه أن يكون مالكاً قولان، فهذه طريقة كثير من المتقدمين.
والثانية: أن الخطأ في هذا أخص بالضمان من الخطأ في الفقير فيضمن الدافع إن كان مالكاً، وفي ضمانه إن كان والياً قولان، وهذه طريقة أبي علي بن أبي هريرة وطائفة من المتأخرين وفرقوا بين الخطأ في الفقير وبين الخطأ في الحرية والإسلام بأنه لا يعلم يقين الفقر قطعاً فجاز أن يعمل فيه على الظاهر، ويعلم يقين الحرية والإسلام قطعاً فلم يجز أن يعمل فيه على الظاهر.
مثاله: أن من صلى خلف جنب أو محدث لم يعد صلاته لأنه لا يعلم يقين طهارة إمامه قطعاً، فإذا عمل فيها على الظاهر لم يعد، ولو صلى خلف امرأة وكافر، أعاد؛ لأنه قد يعلم يقين كون إمامه رجلاً مسلماً فإذا عمل على الظاهر أعاد.
وسوى أبو حنيفة بين خطأ الوالي والمالك وفرق بين الخطأ في الفقير وبين الخطأ في الحرية والإسلام الذي قدمناه وفيما مضى دليل كاف.
مسالة (١)
قال الشافعي: "ويعطى الولاة زكاة الأموال الظاهرة الثمرة والزرع والمعدن