فالزرع والشجر لصاحب الحب والنوى دون صاحب الأرض وقد نبت في أرض غيره بغير تفريط منه فلا أجرة عليه، وكذلك لو أطارت الريح إلى دار غيره طعاماً له فامتلأت به لا أجرة عليه، ثم لصاحب الزرع والشجر تحويله عن الأرض فإن اختار الاستبقاء فيها نظر، فإن رضي صاحب الأرض فلا كلام وإن أبى هل يجبر على قلعه؟ فيه وجهان أحدهما: لا يجبر لأن مالكه غير متعد ولكن يلزمه بدل [٤/ب] الأجرة، ومن أصحابنا من قال: على هذا الوجه هو كالمستعير لا تلزمه الأجرة وهو ضعيف، والثاني: يجبر لأنه نبت في أرضه بغير اختياره كما لو دخل غصن شجرة في هواء دار غيره يلزمه تحويل الغصن عن ملكه كذلك ها هنا وهذا هو المذهب الصحيح.
فرع آخر
إذا قلع في هذه المسألة يلزمه تسوية الحفر لأنه أدخل النقص في ملك غيره لاستصلاح ملكه.
فرع آخر
لو أعاره حائطاً ليضع عليه جذعاً فله أن يرجع في العارية قبل وضعه لأنه لا ضرر عليه في ذلك، وإن أراد الرجوع بعد الوضع والبناء عليه لا يصح الرجوع ولا يجبر على قلعه لأن العرف فيه التأبيد، فإن قيل: العارية جائزة فكيف تجعلونها لازمة ها هنا؟ قلنا: من أصحابنا من قال: العارية ضربان جائزة ولازمة وهذه عارية لازمة وهذا لا يصح بل العواري كلها جائزة وإنما لا يمكن الرجوع ها هنا لإلحاق الضرر بالمستعير كما لو أعار سفينة فطرح المستعير فيها طعاماً فطالبه المعير بالرد وهي في لجة البحر لم يكن له لا لكون العارية لازمة بل لما ذكرنا من علة الضرر كذلك ها هنا.
فرع آخر
لو رجع ها هنا في العارية وقلنا: لا يطالب بالقلع هل يستحق عليه الأجرة بعد الرجوع؟ فيه وجهان أحدهما: يستحق كما يستحق أجرة أرضه بعد الغرس إذا غرسها بإذنه ورجع في العارية وعلى هذا لو امتنع من بذلها أخذ بقلعها، والثاني: وهو الأصح لا أجرة له والفرق بين هذه المسألة وبين مسألة الأرض أن الحائط قد يصل مالكه إلى منافعه، وإن كانت الأجذاع موضوعة فيه ولا يصل إلى منافع الأرض مع بقاء الغراس والبناء فيها مع أن العرف لم يجر بإجارة الحائط وجرى بإجارة الأرض.
فرع آخر
لو أراد المعير أن يعطيه قيمة الجذوع كلها أو قيمة أطرافها التي في ملكه أو يطالبه بالنقص وعليه ما نقص لم يكن ذلك له، لأن بعضها في ملك المستعير ويفارق إذا غرس شجراً في أرضه بإذنه ثم رجع صاحب الأرض له دفع قيمته لأن كلها في ملك الغير.