أتلفها منفردة عن العين على وجه الاستعمال المأذون، فأما إذا تلفت بتلف العين ضمنها لأنه لا يمكن تمييزها عن العين في الضمان، وإن تلفت بعد الاستعمال فالمذهب أن عليه قيمتها يوم التلف لأنه لا يضمن الأجزاء التي أتلفها بالاستعمال على ما ذكرنا فلا يضمن الزيادة التي حدثت في العين لأنه لم يقبضها ولم يكن مأموراً برد العين في حال الزيادة، ويخالف المغصوب والمقبوض بعقد فاسد لأن كل واحد منهما مأمور برد العين على صاحبها في كل حال، ومن أصحابنا من قال: يلزمه أكثر ما كانت قيمتها من حين القبض إلى حين التلف كالمقبوض عن العقد الفاسد وهذا لأن الأجزاء غير مضمونة عليه مع بقاء العين، فأما إذا تلفت العين ضمن الجميع كما نقول في زيادة السوق والزيادة التي تحدث في العين تدخل في العارية فيجب أن تكون مضمونة [٤/أ] عليه، ومن أصحابنا من قال: يلزمه قيمتها يوم القبض تمثيلاً بالقرض وهذا والذي قبله ضعيف والأصح الأول.
فرع آخر
لو كانت العارية مما له مثل فإن قلنا: فيما لا مثل له يضمن بأكثر ما كانت قيمتها يلزمه مثلها، وإن قلنا: يضمن ذاك بقيمتها يوم التلف ضمنها ها هنا بقيمتها.
فرع آخر
لو استعملها في غير ما أذن فيه مثل أن استعار قميصاً ليلبسه فنقل فيه الطعام والشراب والطين ونحو ذلك، أو استعار دابة ليركبها فنقل عليها الطعام أو غيره يلزمه أجرة مثلها وضمان ما نقص من الأجزاء قولاً واحداً، وإن تلفت يلزمه أكثر ما كانت قيمتها من حين التعدي إلى حين التلف.
فرع آخر
إذا رجع المعير في العارية تلزم مؤونة الرد على المستعير قولاً واحداً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خبر صفوان بن أمية:"لا بل عارية مضمونة مؤداة" فقوله: مضمونة أفاد ضمان الأصل، وقوله: مؤداة أفاد ضمان الرد.
فرع آخر
إذا ردها نظر، فإن كان إلى مالكها أو إلى من يقوم مقامه في القبض كان رداً صحيحاً، وإن ردها إلى زوجته أو جاريته لم يكن رداً صحيحاً، وإن كانت دابة فردها إلى اصطبلها لا يكون رداً صحيحاً ويلزمه الضمان، وقال أبو حنيفة: القياس أن لا يبرأ والاستحسان أن يبرأ ويكون رداً صحيحاً لجريان العادة به وهذا غلط لأنه لم يردها إلى صاحبها ولا إلى من يقوم مقامه فلا يكون رداً صحيحاً كما لو ردها إلى زوجته، وكما لو رد المغصوب إلى بيت مالكه أو رد السارق المسروق إلى الحرز لا يبرأ بالإجماع.
فرع آخر
لو حمل السيل حباً لرجل أو النوى فأدخله أرض غيره فنبت منه الزرع أو الشجر