ليس على المستعير غير المغل ضمان، وليس على المستودع غير المغل ضمان (١) قلنا: قال الدارقطني: رواه عبيد بن حسان وهو ضعيف ثم أراد به ضمان الأجزاء التالفة بالاستعمال بدليل ما ذكرنا. واحتج قتادة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرط لصفوان الضمان قلنا: ذاك إخبار عن صفة العارية وبيان لحكمها ولم يكن شرطاً ولأن أصول الشرع على أنه لا يتغير حكم الضمان بالشرط وعدمه كما في البيع والإجارة والوديعة، فإذا تقرر هذا قال الشافعي ها هنا وقال: من لا يضمن العارية فإن قلنا: إذا اشترط المستعير الضمان ضمن قلت: إذاً تترك قولك وإنما قصد الشافعي بهذا الكلام قتادة والعنبري ومعنى هذا الكلام قريب من معنى الاستفهام أي إن قلنا: إذا شرط المستعير الضمان ضمن فهل تستنكر هذا المذهب وهل تستبعده؟ فقال الشافعي لهذا المستفهم إذاً تترك يعني يناقض مذهبك فقال الخصم: وأين المناقضة في مذهبي؟ فقال: ما تقول في الوديعة إذا شرط الضمان أو في القرض أن لا يضمن أيتغير الحكم؟ فقال: لا قال: فكذلك ها هنا وجب أن لا يتغير بوجود الشرط لأن الشرط لا يغير حكم الأصل فقال الخصم: إن لم يكن للشرط تأثير فلم شرط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضمان قال: لجهالة صفوان [٣/ب] بالحكم فإنه كان مشركاً لا يعرف حكم الإسلام ولو عرفه ما ضره شرطه له قال: فهل قال هذا أحد يعني ضمان العارية من غير شرط قال: في هذا كفاية وغنية وقد قال بذلك أبو هريرة وابن عباس رضي الله عنهما هذا شرح كلام الشافعي في مناظرته، فإن قيل: ما تأويل قول الشافعي في موضع من كتاب الإجارات العارية غير مضمونة إلا بالتعدي؟ قلنا: هذا ليس بقول ثان في سقوط ضمانها كما وهم فيه الربيع وهو محمول على سقوط ضمان الأجرة أو على سقوط ضمان الأجزاء أو حكاية عن مذهب غيره.
فرع
إذا استعار شيئاً وانتفع به ثم رده على صاحبه لم يكن عليه ضمان المنافع ولا ضمان ما تلف بالاستعمال من أجزائه قولا واحداً وهو مثل ذهاب أجزاء المنشفة بالنشف والثوب باللبس لأنه مأذون فيه، وعلى هذا لو كان سيفاً لتقاتل به فانكسر في الضربة لا ضمان، ومن أصحابنا من قال: فيه وجه آخر أنه يضمن الأجزاء التالفة بالاستعمال ذكره ابن سريج وهو غلط لما ذكرنا.
فرع آخر
لو تلفت في يده نظر، فإن تلفت عقيب القبض فعليه كمال قيمتها، فإن قيل: هلا أسقطتم عنه ضمان الأجزاء المأذون في إتلافها. قيل: إنما يسقط ضمان الأجزاء إذا