مضي مدة لمثلها أجرة فالقابض يعترف بالأجرة والمالك لا يدعيها والمالك يدعي القيمة والقابض لا يعترف بها فإن كانت القيمة أكثر من الأجرة فالقول قول المالك فيما زاد على الأجرة مع يمينه ويستحق وفي القدر الذي هو وفق الأجرة وجهان أحدهما: يسلم الحاكم منه بلا يمين، والثاني: لا يدفع إليه إلا بيمين لأنه لا يدعيها أجرة وإنما يدعيها قيمة فلا يدفع إلا بعد أن يحلف أنه أعارها منه ثم يأخذ القيمة بالتمام.
مسألة (١): قال: "ولو قالَ: آعرتنيهَا، وقال ربُّها: بل غصبتنيهَا".
الفصل
وهذا كما قال: إذا كانت لرجل دابة فوجدت في يد رجل فقال صاحبها: غصبتنيها، وقال من في يده: بل أعرتنيها لا يخلو إما أن يكون الاختلاف عقيب الدفع أو بعد مدة فإذا كان عقيب الدفع أو بعد مدة أخذ المالك دابته بلا يمين لأنه يقول: دابتي في يده غصباً وهو يقول: بل عارية فله أخذ دابته لأن الرجوع في العارية يجوز ورد المغصوب واجب فإن كان هذا بعد مضيّ مدة لملها أجرة فالمالك يدعي أجرة المثل لأن القبض عن غصب والقابض ينكر لأن القبض عارية نص الشافعي في الإقرار والمواهب على أن القول قول المستعير، واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: الحكم فيه كما لو قال: أجرتكها وقال: بل أعرتنيها وقد ذكرنا فيه طريقين، ومن أصحابنا من قال: ها هنا قول واحد القول قول المالك والذي قاله في الإقرار والمواهب ونقله المزني قول مرجوع عنه لأن الربيع قال: رجع الشافعي عن قبول قول المستعير وجعل القول قول ربّ الدابة مع يمينه وعلى الراكب كرا مثلها حكاه أبو حامد في الجامع، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن هاهنا لم ينقضا على أنه ركبها بإذن مالكها والأصل عدم الإذن وهناك اتفقا على أنه ركبها بإذنه ثم ادعى عليه العوض فكان حدّ ماله مثل أن يجتمع عليه البينة في ذلك في أحد القولين، أو نقول: في تلك المسألة اتفقا على حدوث المانع ني ملك المنتفع وصاحبها يدعي العوض فلم يقبل [٩/ب] قوله في العوض، وهاهنا اختلفا ني ملكه والأمل أن المانع للمالك فلا يقبل قول المنتفع إلا بحجة، وهذا هو الصحيح.
وتال أبو حامد الاسفراييني: الصحيح الطريقة الأولى، والطريقة الثانية ذكرها أبو إسحاق، وهو يخطئ المزني فيما نقله، والشافعي نص عليه في "لأم"، والعلة تدل على هذا أيضاً، لأن في المسألة الأولى جعلنا القول قول المنتفع؛ لأن العرف والعادة معه، وهو أن الناس يعيرون الدابة في العادة، وهذا المعنى موجود هاهنا، ومدعي الغصب يدعي خلاف ظاهر اليد وهذا لا يصح؛ لأنَّا لم نقل أخطأ المزني، بل نقول رجع الشافعي عنه، وتد أبطلنا اعتبار العادة وبينَّا الفرق بين المسلمين، وإن كانت الدابة تالفة لا يخلو إما أن يكون التلف عقيب القبض أو بعد مدة، فإن كان عقيب القبض أخذ