للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويخرج من الضمان؟ المذهب أنه يبرأ، نص عليه في "كتاب الرهن" وقال هاهنا: لأنه خرج من الأمانة ولم يحدث له رب المال استئماناً، فدل أنه يبرأ بإحداث الاستئمان. ومن أصحابنا من قال: لا يبرأ حتى يتلف ثم يبرئه من قيمته؛ لأن الإبراء لا يصح من الأعيان وإنما يصح مما في الذمة، وأراد بالاستئمان الجديد بعد الرد.

فرع أخر

لو أذن له المالك في ردها إلى الحرز هل يسقط الضمان به؟ وجهان كالإبراء. مسأله: قال (١): "ولو أعاره بقعة يبني فيها".

الفصل

وهذا كما قال. إعارة الأرض للبناء والغراس والزرع جائزة: لأن منفعة الأرض تستباح لهذه الوجوه بالإجارة فكذلك بالإعارة، ويجوز [١٠/ب] أن يطلق ولا يعين المنفعة ويحمل في الانتفاع بها على العادة الجارية في مثلها بخلاف الإجارة، والفرق أن في الإجارة عوضاً ينفي عنه الجهالة ولهذا لزم فيها تقدير المنفعة بخلاف العارية فجازت مع الجهالة ويجوز إطلاق المدة فيها ويجوز تقييدها وإن طال لأنه إذا جاز الإطلاق فالتقييد أولى وهذا لأنها جائزة يمكن الرجوع فيها متى شاء، ثم إن أعارها لهذه الأشياء الثلاثة التي ذكرناها فعلها كلها وأيها شاء، وإن عين واحداً منها فإن أعارها للزرع لا يجوز له أن يغرس، ولا أن يبني ولا أن يزرع زرعاً هو أضر مما عينَّ إن عين نوعا منه وله أن يزرع ما ضرره مثل ضرره أو دونه فإن أعارها لزراعة الحنطة ليس له أن يزرع الدُّخْن وان أعارها للبناء أو الغراس له أن يزرع لأنه أقل ضرراً منهما، وإن أذن له بزرع الدخن له أن يزرع الحنطة لأنها أقل ضرراً، وإن أذن له في البناء أو الغراس هل يجوز له أن يعدل من إلى الآخر وجهان:

أحدهما: يجوز له ذلك لأن كل واحد منهما يراد للتأبيد فيكون ضرر أحدهما مثل ضرر الآخر.

والثاني: لا يجوز وهو الصحيح لأن كل واحد منهما يختص بضرر لا يشاركه الآخر فيه فضرر الغراس تحت الأرض أكثر لأن عروقه تنتشر في الأرض وضروه في الظاهر أقل والبناء ضرره في الظاهر أكثر وفي الباطن أقل فإذا صح هذا وكانت الإعارة مطلقة غير مؤقتة كان له ذلك ما لم يرجع فيها، فإن رجع لم يكن له إحداث شيء من ذلك وما أحدثه بعد رجوعه فله مطالبته بقلعه من غير دفع القيمة وحكمه حكم الغاصب في ذلك، وإن أحدثه بعد بإذنه قبل الرجوع لا يخلو إما أن يكون قد شرط القلع أو لم يكن شرط، فإن كان قد شرط يلزمه قلعه متى طالب لأنه على هذا الشرط دخل فإذا قلعه لم يلزمه تسوية الأرض لأن صاحب الأرض حيث شرط القلع علم أنه يحصل بذلك


(١) انظر الأم (٣/ ٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>