واحتج بما روي عن عمر رفي الله عنه أنه "قضى في إحدى عيني الدابة بربع قيمتها" وهذا غلط لأنها جناية على بهيمة فلا يتقدر أرشها كما على الحمار، وأما عن روي عن عمر رضي الله عنه محمول على أن ذلك قدر ما نقص كما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه "قضى في العين القائمة بثلث الدية" وأراد طريق الحكومة، وحكي عن مالك أنه قال: يلزمه أن يداويها لتبرأ ويقل الغرم وعندنا ليس له ذلك ويمنع، ولو داواها فاندملت وعادت قيمتها كما كانت فلا شيء عليه في ظاهر نص الشافعي ومشهور مذهبه.
فرع آخر
لو قطع ذنب حمار القاضي يلزمه ما نقص، وتال مالك: يلزمه جميع قيمته لأن فيه غضاضة على المسلمين [١٧/أ] ووهنأ في الدين، وذكر أصحابه علة أخرى وهي أنه أتلف عليه عوضه لأنه لا يركبه في العادة وهذا غلط لأنه لو خرق ثيابه أو تعدى في قماشه أو جني على بدنه يسوي بيه وبين غيره، فكذلك في هذه الجناية وهذا لأن الاعتبار في الجنايات بالإتلاف لا بالإعراض فإنه إذ لم يصلح له يصلح لغيره فمنفعته باقية.
فرع آخر
إذا جنى على عبدٍ جناية فإن كان مما لا أرش له مقدر في الحر يلزمه ما نقص فيقوم العبد سليماً ويقوم به هذه الجناية فيضمن ما بين القيمتين فإن كان مما له أرش مقدر في الحر مثل قطع اليد والرجل ونحو ذلك نعتبر أرشه بقيمته كما يعتبر أرش أطراف الحر من ديته فيلزم في إحدى يديه نصف قيمته وفي بدنه تمام قيمته هكذا ذكره أصحابنا بالعراق وهو المنصوص، وقال بعض أصحابنا بخراسان: يلزم فيه ما نقص كما قلنا في البهيمة وهذا أقيس، وقال مالك: لا يلزم المقار في جراحاته إلا في الشجاج الأربع الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة ويلزم في غيرها ما نقص وهذا غلط لأن كل جناية لها في الحر أرش مقدر كان لها أرش مقدر في العبد كالشجاج الأربع.
فرع آخر
لو غصب عبداً فسقطت يده بأكلٍة يلزمه ما نقص لأن ضمان الغصب لا يتعلق به وجوب القصاص ولا الكفارة ولا تحمل العقل وكان بمنزلة ضمان الأموال وذكر ابن أبي هريرة عن بعض أصحابنا أنه يجب فيه نصف قيمته كما في الجناية وهذا غلط لما ذكرنا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان أحدهما: يلزمه ما نقص، والثاني: يلزمه الأكثر من المقدر الذي يجب بالجناية ومما نقص حتى لو نقص بسقوط اليد من ألف ستمائة غرم ستمائة، وأن نقص عن أربعمائة غرم خمسمائة وهذا حسن غريب.
فرع آخر
لو غصبه وقطع يده فإن قلنا: ضمانهما واحد يلزمه نصف [١٧/ب] قيمته فإن قلنا: