للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمذهب إن ضمانهما مختلف يلزمه أكثر الأمرين من نصف قيمته أو ما نقص لأن سبب فمان كل واحد منهما قد وجد.

فرع آخر

لو غصب عبداً فجاء آخر وقطع يده يلزم الجاني نصف قيمته فإن قلنا: ضمان الغاصب والجناية واحد طالب بنصف القيمة الغاصب أو الجاني لأن الغاصب ضمنه باليد، والجاني ضمنه بالجناية فإن غرم الغاصب يرجع به الغاصب على الجاني، وإن غرم الجاني لم يرجع به على الغاصب وإن قلنا: يلزم الغاصب أكثر الأمرين فإن رجع على الغاصب رجع بالأكثر، ثم إن كان نصف القيمة أكثر مما نقص رجع الغاصب على الجاني بجميعه، وان كان ما نقص أكثر رجع على الجاني بنصف القيمة ولا يرجع بما زاد عليه وان رجع صاحبه على الجاني رجع بنصف القيمة فإن كان ذلك أكثر من النقصان لم يرجع به الجاني على الغاصب بشيء، وإن كان نصف القيمة أقل من أرش النقصان رجع صاحبه بالنصف على الجاني ولا يرجع بما زاد عليه إلا على الغاصب.

فرع آخر

لو قطع يدي عبد يلزمه جميع قيمته ويرد العبد إلى صاحبه وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: المالك بالخيار بين أن يترك به العبد ويأخذ منه جميع قيمته فيملكه بها وبين أن يسترده ولا شيء، له، وقال أبو يوسف ومحمد: هو بالخيار بين أن يتركه به ويأخذ منه القيمة وبين أن يسترده مع النقصان.

واحتج الشافعي عليه فقال: وكيف غلط من زعم أن الجاني لو جنى على يد واحدة فأبانها ولم يفسد المملوك أخذه مالكه وقيمة ما نقصه وهو نصف قيمته ثم لو زاد الجاني معصية فقطع يديه فأفسده سقط حق المالك عن الجاني ولا شيء له عليه إلا أن يسلمه إلى الجاني ليملكه الجاني فأسقط حق المالك بالفساد حين عظم وأثبت الحق له حين صغر وجعل للجاني حق الملك في جميع العبد حين عصى وأفسد ولم يجعل له حق الملك في بعض العبد [١٨/أ] ببعض الفساد حتى يملك نصفه بقطع يد واحدة والله تعالى جعل المالكين أولى بأملاكهم لا يزول عنها ملكهم إلا برضاهم وهذا القول خلاف لأصل حكم الله تعالى بين المسلمين، فإن قيل: أليس يملك الوالد جارية الولد إذا استو لدها لأن الاستيلاد كالاستهلاك لجل منافعها، كذلك ها هنا قلنا: حكي المزني قولاً عن الشافعي أن الوالد لا يملكها بالاستيلاد فلا نسلم، وإن سلمنا فذاك لقوة شبهة الآباء وأما قول الشافعي في هذا الفصل: وهذا خلاف المعقول والقياس فإنما فمل بين المعقول والقياس لنكتةٍ وهي أن من المسائل ما يكون حجتها جلية ظاهرة حتى يكاد يلتحق بحجج العقول ويستدركها العاقل ببديهة عقله استدراكاً يستغني معه عن الاشتغال بترشيح القياس وتحريره ورد الفرع إلى أصله. وهذه المسألة من هذه الجملة لأن العاقل متى سمع هذا المذهب الذي ذهب إليه الخصم مع هذا التفصيل الذي فصله غلب على

<<  <  ج: ص:  >  >>