أحدهما: يجبر على قبوله وهو ظاهر قوله في "الأم" لأنه قال: لو غصب ساجة وشقَّها ألواحاً وأصلحها أبواباً وسمر فيها مسامير من عنده ثم رد الأبواب على مالكها ووهب له ما فيها من المسامير لزمه قبول ذلك.
والثاني: لا يجبر عليه لأنه لا يجبر الإنسان على قبول هبة العين ابتداء وجملة ما يهب الإنسان لغيره ثلاثة أحدهما: أن يكون عيناً متميزةً عن ماله فلا يجبر على قبولها قولاً واحداً، والثاني: أن يهب له منفعة متصلة بماله فيجبر على قبولها كالسمن والتعليم عند رجوع الزوج في نصف الصداق، والثالث: أن يهب عيناً متصلةً بماله كمسألتنا والغراس في الأرض المغصوبة إذا وهبه من المالك على هذا الاختلاف وكذلك الأبواب المسمرة إذا ردها ووهب منه المسمار هل يجبر على قبولها على هذا الخلاف وإن أراد المالك أخذ الثوب مصبوغاً ولا يضمن للغاصب شيئاً نص في القديم على تولين أحدهما: له ذلك كما لو كان ثوباً فقصره وهذا لأنه صار صفةً لا يمكن تمييزه من ملكه والثاني ليس له ذلك لأن له عين مالٍ فيه وهذا هو المذهب والقول الأول ليس بشيء وقيل: إنه رجع عنه.
ولو قال المالك: ادفع قيمة الصبغ إلى الغاصب [٣٦/أ] ليكون لي الثوب مصبوغاً وامتنع الغاصب لا يجبر عليه كما قلنا في النخيل في أرضه إذا قال: ادفع قيمة النخيل لا يجبر على قبوله.
وقال في "القديم": له ذلك ويجبر الغاصب على قبوله لأنه صار صفةً له بخلاف النخيل وإن زاد ذلك فبلغ قيمته ثلاثين لم تخل الزيادة من أحد أمرين إما أن يكون لاجتماع الصبغ والثوب أو لزيادة السوق فإن كان لاجتماع الصبغ والثوب فالزيادة بينهما نصفين وفيه المسائل التي ذكرناها، ويفارق المفلس إذا صبغ الثوب الذي قيمته عشرة بصبغ تسوى عشرة فبلغت قيمته ثلاثين فالزيادة كلها للمفلس توزع على غرمائه لأنه تصرف في ملكه فالزيادة على قيمة الثوب والصبغ حصلت في ماله وها هنا الملك لهما، وعلى هذا لو كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ خمسة فصارت قيمته ثلاثين تقسم على الثلث والثلثين، وإن كانت الزيادة لأجل السوق نظر، فإن كانت السوق زادت فيهما سواء فالزيادة بينهما والحكم فيه كما لو لم يزد ولم ينقص، وإن كانت السوق زادت في أحدهما: كانت الزيادة لمن زادت سلعته ينفرد بها وإن نقص نظر، فإن بلغ بعد الصبغ قيمته خمسة عشر فالنقصان على الغاصب وحده ويكون الثوب بينهما لرب الثوب الثلثان وللغاصب الثلث وفيه المسائل التي ذكرناها وإن بلغت بعد الصبغ عشرة فلا شيء للغاصب ولا يجيء ها هنا بيع الثوب لأنه ليس للصبغ قيمة ولا هبة الصبغ أيضاً لأنه مستهلك فإن أراد قلع الصبغ وعليه ما نقص كان ذلك له، وإن نقصت عن العشرة فعلى الغاصب ما نقص، ولو أراد قلع الصبغ ها هنا له ذلك أيضاً.
وقال المزني: هذا نظير ما مضى في نقل التراب ونحوه وأراد به أن الصبغ وإن انمحق ولم تزد قيمة الثوب به لا يجوز له نزعه من الثوب كما قال في البئر لا يجوز له