للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طمها قال أبو إسحاق: وخطأ المزني ها هنا أظهر لأن الصبغ عين مال الغاصب ومن له عين مالٍ فله أخذه انتفع به أو لم ينتفع ولأنه ربما ينتفع به في صبغ ثوب آخر إذا أمر [٣٦/ب] الصبغ بهذه العصارة المستخرجة من هذا الثوب والمسألة مصوَّرة حيث يقدر على الاستخراج، وإن كان الصبغ لغير الغاصب نظر، فإن كان لرب الثوب فقد خلط مالَه بمالِه فإن لم يزد ولم ينقص أو زاد فلا شيء على الغاصب والكل له، وإن نقص فعلى الغاصب ضمان ما نقص، ولو أراد المالك أن يأخذه من غير تقويم له ذلك لأنه لا فائدة في التقويم إذ لا حق فيه لغيره، وإن أراد التقويم ليعرف النقصان فله ذلك ولا أجرة له بحال بما لحقه من المؤونة كما لو أغلى زيتاً بالنار ردَّه ولا شيء عليه لثمن الحطب، وإن كان الصبغ لزيد والثوب لعمرو نظر، فإن لم يزد ولم ينقص فالثوب بين رب الثوب والصبغ نصفان وإن زاد بذلك وكانت الزيادة لاجتماع الصبغ مع الثوب فالحكم على ما مضى.

وقال أصحابنا إذا قلنا: لصاحب الثوب إجبار الغاصب على قلع الصبغ إذا كان الصبغ له فها هنا أيضاً لصاحب الثوب قلعه وعلى الغاصب نقصانه، وإن كانت الزيادة لزيادة السوق نظر، فإن كانت فيهما بالسوية فالحكم على ما ذكرنا، وإن كانت السوق زادت في أحدهما: فالزيادة لمن زادت قيمة سلعته وحده، وإن نقصت عن عشرين فالنقصان في حق صاحب الصبغ وحده ويكون الثوب بينهما على ما ذكرنا. وهذا لأن قيمة الثوب كانت عشرة وفي الصبغ بفعل الغاصب حصل النقصان فكان محسوباً عليه.

مسألة (١): قال: "ولو كانَ زيتاً فخلطَهُ بمثله".

الفصل

وهذا كما قال: إذا غصب صاعا من زيت فخلطه فيه خمس مسائل ذكرها في "الأم" إحداها: أن يخلطه بزيت خير منه. والثانية: أن يخلطه بمثله، والثالثة: أن يخلطه بدونه، والرابعة: أن يخلطه بجنس أخر من الأدهان كالشيرق والبان وغيرهما، والخامسة: أن يخلطه بالماء. فأما الأولى إذا خلطه بزيت خير منه مثل إن غصب صاعاً قيمته درهمان فخلطه بصاع قيمته أربعة فهل يكون كالمستهلك أم لا؟ قال: ها هنا يكون كالمستهلك لأنه قال: الغاصب بالخيار [٣٧/أ] إن شاء أعطى بعينه من عينه ويكون متبرعاً بالجودة: وإن شاء أعطى من غيره مثل مكيلته قال أبو إسحاق: وإنما خَّيره بينهما لأنا لو أجبرناه على أن يعطيه من عينه لأضررنا بالغاصب فإن زيته أجود من زيت المالك، وإن أجبرناه على أن يعطيه من عينه ويرجع عليه بما بين القيمتين لكان رباً لأنه يدفع مكيلة زيتٍ ويأخذ مكيلةً أخرى مثلها وشيئاً من الدراهم وهذا رباً وإن قلنا: يأخذ من الجيد بمقدار قيمة زيته لكان رباً أيضاً وهذا هو المذهب، وقال في كتاب "التفليس"


(١) أنظر الأم (٣/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>