النقصان ويسترجع المغلي، وإن نقصت كلتاهما فصارت قيمتهما درهماً ورجعا إلى صاعٍ فعليه ضمان الصاع التالف وما نقص من القيمة أيضاً لأن كل واحدٍ منهما يضمن بالانفراد فيضمن عند الاجتماع.
فإن قيل: إذا غصب زيتاً فخلطه بأردأ منه فنقصت قيمته قلتم: المالك بالخيار إن شاء أخذ مثل زيته، وإن شاء أخذ من عينه مثل مكيلته من غير أرش النقصان فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن ها هنا يأخذ عين ماله فجاز أن يأخذ معها ما نقص من قيمته وليس كذلك في الخلط لأنه يأخذ بدل ماله ولا يجوز أن يأخذ بدل مكيلته وزيادة دراهم لأنه ربا وهذا كما نقول: لو غصب ديناراً فقرضه أخذه وما نقص من قيمته وان أتلفه لم يجز أن يأخذ ديناراً رديئاً [٤٠/أ] وأرش النقصان، فإذا تقرر هذا رجعنا إلى لفظ الكتاب فمن أصحابنا من يقرأ: وما نقصت مكيلته أو قيمته بفتح التاء، ومنهم من يقرأ: أو قيمته بضم التاء وفي بعض النسخ وما نقصت مكيلنه وقيمته بحذف الألف وفي بعضها أو قيمته بإثبات الألف فمن قرأ: أخذه وما نقصت مكيلتُه وقيمتُه بحذف الألف وضم التاء من القيمة فمعناه إذا كان عين الزيت ناقصة والقيمة ناقصة أخذ العين الناقصة وغرم كلا النقصانين.
ومن قرأ بإثبات الألف وضم التاء فمعناه تنويع الحالتين في النقصان أي إن كان النقصان واقعاً في المكيلة دون القيمة أخذه وما نقصت مكيلته، وإن كان النقصان واقعاً في القيمة دون المكيلة أخذ المكيلة بتمامها أو غرمه نقصان القيمة.
ومن قرأ أخذه وما نقصت مكيلته أو قيمته بفتح التاء وإثبات الألف فمعناه إذا كان النقصان واقعاً في المكيلة وذلك النقصان غير متناه كان المالك بالخيار إن شاء أخذ ما وجد من زيته بنقصه ورجع على الغاصب بأرش النقصان، وإن شاء تركه في يد الغاصب وغرمه مثل زيته إن كان المثل موجوداً أو قيمته إن كان المثل مفقوداً.
فإن قال قائل: على هذه القراءة إذا كان الزيت من ذوات الأمثال كيف يجوز إذا كان النقصان غير متناه أن يخيره الشافعي بين أخذ زيته وأخذ قيمته وهلاَّ قال: أخذه وما نقصت مكيلته أو مثله؟ قلنا: لعله عبّر عن المثل بالقيمة كما يعبر مجازاً عن القيمة بالمثل، وقال الشافعي في كتاب الطهارة في مسألة الجنب والميت: فإن خافوا العطش شربوه ويمّموه وأدوا ثمنه في ميراثه وأراد بالثمن المثل، والثاني: لعله صور المسألة عند عدم المثل والمثل إذا كان معدوماً كان المرجع إلى القيمة وهذه القراءة أضعف القراءات لهذا السؤال.
فرع
إذا أغلاه على النار فنقص من قيمته دون مكيلته ولم يكن النقص منتهياً بل يحدث نقص آخر بعده فإن كان ما ينتهي إليه من النقص الثاني [٤٠/ب] محدوداً فليس له إبدال الزيت بغيره وينتظر حدوث نقصانه فيرجع به، ولو تلف الزيت قبل انتهاء نقصانه فهل يرجع بما كان ينتهي إليه من نقص؟ وجهان مخرجان من القولين فيمن قلع سن صبي لم