يُثغر فانتظرنا النبات فمات قبل معرفتنا أنه نبتت أم لا هل يستحق ديته؟ قولان: أحدهما: لا أرش لعدم حدوثه ولو كان باقياً فطالب بالأرش قبل حدوث النقص لم يكن له أيضاً. والثاني: له أرش للعلم به، ولو كان باقياً فطالب بالأرش قبل حدوث النقص لم يكن له أيضاً.
فرع آخر
لو لم يملك الزيت ولكنه باعه قبل انتهاء نقصانه فإن أعُلم به المشتري فلا ود له لعلمه نصيبه، وللمالك أن يرجع على الغاصب بنقصه لأنه عاوض عليه ناقصاً، وإن لم يُعلم المشترى به فله الرد بحدوث نقصه، فإن لم يرض به ورده رجع المالك بأرشه على الغاصب، وإن رضي به ولم يرده ففي رجوعه على الغاصب بأرش نقصه وجهان أحدهما: لا يرجع لأنه بالمعاوضة سليماً قد وصل إليه من جهة المشتري تمام ثمنه، والثاني: يرجع لضمانه له بالغصب ولا يكون حدوث رضا المشتري به براءة للغاصب منه، وإن كان ما ينتهي إليه من النقص في الثاني. غير محدود فقد ذكرنا قولين وقيل وجهان.
فرع آخر
لو غصب عصيراً فأغلاه حتى صار رُبّاً ونقصت مكيلته قال ابن سريج: يرده ولا يلزمه نقصان المكيلة لأن العصير إذا أغلي تداخلت أجزاؤه ويكون نقصان المكيلة بتداخل الأجزاء وذهاب الرطوبة المائية لا بتلفها، وليس كذلك في الزيت فإن نقصانه بتلف بعض الأجزاء، قال صاحب "الإفصاح": هذا عندي غير صحيح لأن النقصان قد حصل فيه من طريق المشاهدة كما في الزيت والأول أصح لأن أجزاء العصير كلها موجودة فيه، وإن كانت قد اجتمعت وثخنت، ألا ترى أنه إذا وُزن يحصل منه مثل وزن العصير، وقوله: إن النقصان حصل من طريق المشاهدة لا يصح لأنه لو غصب دقيقاً ولتَّه بدهن أو عجنه بماء قد نقص مكيلته من طريق المشاهدة ولا يلزمه [٤١/أ] النقصان لأن الأجزاء موجودة كذلك ها هنا.
فرع آخر
لو غصب لبناً فعمله جبناً رجع به جبناً وبالنقص إن كان في قيمته وهل يرجع بنقص مكيلته؟ فيه وجهان كما قلنا في العصير إذا أغلي فانتقص مكيلته.
مسألة (١): قال: "وكذلك لو خلطَ دقيقاً بدقيقٍ فكالزيتِ".
وهذا كما قال: إذا غصب دقيقاً فخلطه بدقيق من عنده قال الشافعي ها هنا: هو كالزيت إذا غصبه ثم خلطه بزيت من عنده، واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال وهو الصحيح: معناه أنه يصير شريكاً للغاصب كما نقول في الزيت ولكن لا يجوز قسمة الدقيق، كما لا يجوز بيع بعضه ببعضٍ بخلاف الزيت لأنه إذا غصب زيتاً فخلطه بزيت من عنده يجوز لهما أن يقتسماه لأن بيع الزيت بعضه ببعض متماثلين جائز وتشبيه الشافعي إياه بالزيت في ثبوت