للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشركة بالبيع دون المقاسمة، ومنهم من قال: قول الشافعي: أنه كالزيت أراد في أنه يصير مستهلكاً فتضمن قيمته ولم يرد به أنه كالزيت في أن له مثلاً وهذا لأنه لا مثل للدقيق لاختلاف طحنه المفضي بالصنعة والعمل إلى عدم تماثله ويفارق الحنطة التي ليس للآدميين صنعة في كبر حبها وصغره وهذا اختيار أبي إسحاق وابن أبي هريرة فعلى هذا إذا خلط الدقيق بالدقيق فيه وجهان أحدهما: يلزمه قيمته، والثاني: يكونان شريكين فيه فيقتسمان ثمنه، ولو أرادا الاقتسام فيه وجهان بناءً على أن القسمة بيع أو إقرار حقٍ، ومن أصحابنا من قال: إن كانت قيمتها متفاوتة لا تجوز القسمة لأنه إذا قسم على القيمة يتفاوت، وإن كانت قيمتها متساوية فعلى وجهين على ما ذكرنا.

وقال أبو الطيب بن سلمة: تجوز القسمة بكل حال لأنه لا ربا في القسمة وهذا لا يصح لأنا إذا قلنا: إنها بيع فالربا فيهما واحد وان قلنا: إقرار حق لا يمكن إيصال كل واحدٍ منهما إلى حقه لجواز أن يكون بعضه أنقص من بعض فيأخذ المكيال من الناعم أكثر فلا تكون قسمة عدل، وقال ابن سريج: هو كالزيت في أن له مثلاً لظاهر كلام الشافعي ها هنا وهذا لأنه لا تتماثل أجزاؤه وإن تفاوت [٤١/ب] الطحن في النعومة والخشونة وهذا أقرب من تفاوت الحنطة في صغر الحب، وقد روى الكرابيسي عن الشافعي أنه يجوز بيع الدقيق بالدقيق فيكون كالزيت من كل وجهٍ وهذا ضعيف لما ذكرنا ولم تصح رواية الكرابيسي عن الشافعي.

مسألة (١): قال: "ولو كانَ قمحاً فَعَفَّنَ عندهُ ردَّهُ وقيمةَ ما نقص".

وهذا كما قال: إذا غصب حنطةً أو غيرها من الحبوب فعفنت لطول مكثها أو بلها بالماء فإن استقر نقصها ردها وما نقص، وغن لم يستقر فقد ذكرنا فيه الخلاف، وأعلم أن الشيخ أبا حامد جعل العفن كالبلّ، وقال القاضي الطبري: العفن ليس من فعله فلا يضمن ما يتولد منه بخلاف البل فيردها وما نقص به قولا واحدا وهذا أصح، فإن قيل: العفن مضمون عليه لوجوده في يده كالبل الذي حصل بفعله فكل ما تولد منهما سواء في الضمان ولهذا لا فرق بين أن يبتل بما، المطر أو بفعله أو بفعل غيره قلنا: النقص إذا حصل بالبل ثم زاد فتلك الزيادة متولدة من البلل فضمن، وأما العفونة تزيد ببقائه ومكثه في يده كما في الأصل حصل بذلك لا أن بعضها يتولد من بعض فافترقا. وقال أبو حنيفة: المالك بالخيار بين أن يطالبه ببدل العفنة وبين أن يمسكها ولا شيء له، لأنه لو ضمنه النقصان لحصل له مثل كيله وزيادة وهذا غلط لأن عين ماله باقية وإنما حدث فيها نقصان وكان له ما نقص كما لو كان ثوباً فخرَّقه عرضاً.

مسألة (٢): قال: "وإنْ غصَبُه ثوباً وزعفراناً فصبغه به فربُّهُ بالخيار، إن شاء أخذهُ، وإن شاء قومه أبيضَ وزعفرانُه صحيحاً".


(١) أنظر الأم (٣/ ٤٢)
(٢) أنظر الأم (٣/ ٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>