الجوهرة أكثر من قيمة البهيمة أجبر صاحبها على أخذ قيمتها وإلا فلا وهذا غلط لأن ما لا يستحق تملكه باستهلاك الأقل لا يستحق تملكه باستهلاك الأكثر كما لو كسرت إناء أو أكلت طعاماً، وإن كانت يد صاحبها عليه مثل إن كان راكباً أو قائداً أو سائقاً، فإن أمكن صاحب الجوهرة دفعها عنه فلا شيء على صاحب الدابة لأن التفريط من جهة صاحبها لما لم يدفعها عن الجوهرة وهو [٤٩/ب] قادر على دفعها فتصير الجناية منسوبة إليه ذكره ابن أبي هريرة، وإن لم يمكنه دفعه عنها ولم يقدر صاحبها على دفعها أيضا بأن انفلتت من يده لا ضمان أيضاً، وإن كان صاحبها قادراً على دفعها فلم يدفع كان عليه ضمانها لأنه مفرّط في حفظها.
وقال ابن أبي هريرة إن كانت البهيمة بعيراً ضمن، وإن كانت شاةً لم يضمن لأن للعرف في البعير النفور فلزم منعه ومراعاته والعرف في الشاة السكون فلم يلزمه منعها ومراعاته وهذا خطأ لأن سقوط مراعاة الشاة إنما كان لأن المعهود فيها السلامة، فإذا أفضت إلى غير السلامة لزم الضمان كما نقول في ضرب الزوجة وتأديب الصبي.
فرع آخر
إذا أوجبنا على صاحبها الضمان فإن كانت البهيمة مما لا يؤكل لحمه لم يجز ذبحها وعلى صاحبها الضمان، وإن كانت مما يؤكل لحمه فيه قولان كما ذكرنا في مسألة الخيط إذا خاط به جرحها.
فرع آخر
إذا قلنا: لا تذبح يؤخذ منه قيمة الجوهرة، ثم لو ماتت أو ذبحها لمأكلةٍ فوصل إلى الجوهرة رجع بها المالك ورد القيمة بلا خلافٍ بخلاف ما لو أخذ القيمة بدل المثل ثم قدر عليه لا يرجع بالمثل لأن اتفاقهما على ذبح البهيمة لأخذ ما فيها من الجوهرة حرام فكان أخذ القيمة ضرورة وإذا حصلت الجوهرة زالت الضرورة، ولو اتفقا على القدوم إلى بلد المثل يجوز ولم يحرم فلم يكن فيه ضرورة يعتبر زوالها في الرجوع فإذا أخذ القيمة لا رجوع بعدها.
فرع آخر
لو تبايعا بهيمة فأكلت ثمنها فإن كانت بعد قبض الثمن فالبيع صحيح ثم ينظر في البهيمة فإن كانت في يد البائع فالثمن غير مضمون لأن ما جنته في يده مضمون عليه والثمن ملك له وعليه تسليم البهيمة إلى المشتري فإن قدر على الثمن بموت البهيمة أو ذبحها لمالكه رَدَّ على البائع، وإن كانت البهيمة في يد المشتري فالثمن مضمون عليه للبائع فإن كانت غير مأكولة غرم مثله، وإن كانت مأكولةً فهل تذبح لأخذ الثمن منها؟ [٥٠/أ] قولان وإن ابتلعت قبل قبض الثمن فإن كان الثمن في الذمة لا يبطل به البيع وهو باقٍ في ذمة المشتري ثم ينظر، فإن كانت البهيمة عند ذلك في يد المشتري فما ابتلعته غير مضمون على واحدٍ منهما، أما البائع فلزوال يده بالتسليم، وأما المشتري فلأنه ماله وجناية البهيمة من ضمانه، وإن كانت في يد البائع فهو مضمون عليه، فإن