كانت مما لا يؤكل لزمه غرم مثله فعلى هذا يكون له الثمن وعليه مثله فيتقاضَّانه، وإن كانت مأكولة اللحم فهل تذبح؟ قولان:
فإن قلنا: لا تذبح لزمه غرم مثل الثمن وتقاصَّاه ولا خيار للمشتري في فسخ البيع.
وإن قلنا: تذبح لم يجز أن يتقاصاه لأن وجود عينه يمنع من استقراره في ذمة البيع والعين لا تكون قصاصاً من الذمة فعلى هذا للمشتري الخيار في فسخ البيع لأن ذبح البهيمة قد استحق في يد البائع وذلك عيبٌ حادث في ضمانه، وإن كان هو المسحتق لما أوجب العيب.
وإن كان الثمن معيّناً فإن كانت غير مأكولة بطل البيع لأنه يتعذر القدرة صار كالتالف ثم ينظر، فإن كانت البهيمة في يد المشتري فهو تالفٌ من ماله والبائع غير ضامن وعلى المشتري رد البهيمة على البائع، فإن قدر على الثمن بموتها رد على المشتري، وإن كانت البهيمة في يد البائع فالثمن مضمون عليه ويغرم مثله، وإن كانت البهيمة مأكولة ففي بطلان البيع قولان بناءً على القولين في الذبح إذا ابتلعته فإن قلنا: لا تذبح فالبيع باطل على ما ذكرنا.
وإن قلنا: تذبح فالبيع لا يبطل لأن الثمن المعين مقدور عليه ثم ينظر، فإن كانت البهيمة في يد المشتري ذبحت ودفع الثمن إلى البائع ولا خيار للمشتري في فسخ البيع لأنه عيبٌ حدث في يده، وإن كانت في يد البائع ذبحت وكان للمشتري الخيار لحدوث العيب في يد البائع، فإن كفَّ البائع عن ذبحها لم يسقط خيار المشتري لأنه لو طالب به من بعد لاستحقه، ولو أبرأ المشتري منه لم يجز لأن البراءة عن الأعيان لا تجوز [٥٠/ ب] ولو وهبه منه لم تجز لأنها هبة ما لم يقبض وخيار المشتري في الأحوال كلها على حاله.
فرع آخر
لو مرت بهيمة رجل بقدر باقلانيّ فأدخلت رأسها فيه ولا يخرج منها لا يخلو إما أن يكون بتفريط من صاحبها، أو بتفريط من الباقلاني، أو بغير تفريط منهما أو بتفريط منهما، فإن كان بتفريط مالكها مثل إن كانت يده عليها فكأنه أدخل رأس شاته في قدر غيره هل تذبح؟ وجهان:
أحدهما: تذبح لأنه المفرط كما لو غصب ساجةً وبنى عليها ينُقض البناء.
والثاني: لا تذبح وتكسر القدر وعليه ضمان الكسر، وكذلك إن كانت بهيمة لا يؤكل لحمها تكسر القدر ولا تذبح بلا خلاف وتضمن الكسر إن كان الباقلاني مفرطاً مثل إن لم تكن يد صاحبها عليها وكانت قدر الباقلاني في الطريق كسرنا القدر ولا ضمان على أحد، وكذلك إن كان القدر في دكانه ولكنه قدر على دفعها عنها فلم يدفع، وإن لم يكن منهما تفريط مثل إن كانت القدر في دكانه ولا يد لأحد عليها ولم يقدر هو على دفعها عنها، فإن لم تكن البهيمة مأكولة كسرت القدر وضمن كسرها لأنه كسرها لتخليص ملكه، وإن كانت مأكولةً فيه قولان: