إلى البائع وربما يتوهم متوهم أن البائع بعد اعترافه بالإقباض لا يستحق على الشفيع بالثمن وليس كذلك بل يستحق ذلك إذا لم نعترف بقبض الثمن لأن شقصه لا يزول عن ملكه إلا بثمنٍ يصل إليه إما من جهة المشتري، وإما من جهة الشفيع. ثم اعلم أن هذا التصوير الذي ذكره إنما يستقيم مع جوابه إذا كان المشتري معترفًا بأن الشقص الذي قبضه البائع ملك البائع حصل في يده عارية أو وديعة فأما إذا قال المشتري: هو ملكي فالجواب أن القول قوله مع يمينه، فإذا حلف المشتري نظر إلى الشفيع، فإن كان يصدق البائع في عين الشقص الذي حلف المشتري عليه فلا سبيل للشفيع على البائع لأن البائع غير متعدٍ بتسليم الشقص إلى المشتري، وإن كان الشفيع يكذب البائع في العين ويقول: إن الشقص الذي اعترفت بالشفعة لي فيه غير هذا النقص الذي حلف المشتري عليه فالقول قول الباني مع يمينه.
مسألة: قال: "ولو كانَ للشَّقصِ ثلاثٌة شفعاءٍ فشهدَ اثنان".
الفصل
وهذا كما قال: إذا كانت الدار بين أربعة نفرٍ فباع أحدهم نصيبه من أجنبي وجاء الثلاثة يطالبون المشتري بالشفعة فادعى المشترى أن أحدهم عفا عن الشفعة وشهد له الشفيعان الآخران نظر، فإن كانا مقيمين على طلب الشفعة لم تقبل شهادتهما للتهمة لأنهما يجرّان إلى أنفسهما غنمًا وشهادة الجار إلى نفسه غنمًا لا تقبل كما لا تقبل شهادة الدافع عن نفسه غرمًا، وإن كانا قد عفوا عن الشفعة قبلت شهادتهما لأنه لا تهمة عليهما، وإن كانا مقيمين على طلب الشفعة فرددنا شهادتهما ثم عفوا وأعادا الشهادة لم تقبل شهادتهما كالفاسقين إذا أعادا الشهادة بعد التوبة لا تقبل شهادتهما، وإن كان قد عفا أحدهما دون الآخر قبلت شهادة [١٠٣/ أ] العافي دون الذي لم يعف وقضينا بشهادته مع اليمين ومن الذي يحلف مع الشاهد نظر، فإن كان الذي ردت شهادته عفا عنها حلف مع شاهده واستحق الشفعة على المشتري لأنه لا شفيع غيره، فإن كان الذي ردت شهادته قد عفا عنها بعد ذلك حلف المشتري مع الشاهد وحصل الشقص له لأنه لم يبق من يطالب بالشفعة.
فرع
لو شهد البائع على الشفيع بالعفو قال ابن القفال في "التهذيب": نظر، فإن كان لم يقبض الثمن من المشتري لم تقبل شهادته لأنه يجوز أن يفلس المشتري فيرجع البائع بالشقص فيكون قد أثبت بشهادته لنفسه حقًا، وإن كان قد قبض الثمن وسلم الشقص قبلت شهادته.