للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبرأ ذمته وما دفعه مضمون عليه فلا يمنع ذلك من حصول الملك والربح له، وأما ما ذكره القائل الأول لا يصح لأن ذلك لا يوجب تغيير حكم البيع ويكفي في ذلك الإثم والمنع من الاغتصاب من جهة الإمام والمسلمين فعلى هذا قال المزني: إن كان اشترى بعين المال فالشراء باطل، وإن كان في الذمة فالشراء جائز والربح والخسران للمقارض الأول وعليه الضمان وللعامل الثاني أجر مثله في قياس قوله.

واختلف أصحابنا في هذا أيضاً فمنهم من مترب المزني وقال: إن الثاني اشترى للأول فالملك وقع له والربح حصل في ملكه فكان الربح له، وللثاني أجرة المثل فيما عمله ويفارق الغاصب لأنه اشترى لنفسه فكان الربح له، ومن أصحابنا من خطأه فيه وقال: يجب أن يكون رأس المال لرب المال والربح كله للعامل الثاني ولا شي، ~مل الأول من الربح لأن الربح إذا كان للغاصب الذي يتصرف في المال ويعمل فيه على قوله الجديد يجب أن يكون ها هنا للعامل الثاني لأنه هو الذي تصرف في المال وهو ضامنه والأول أصح.

ومن أصحابنا من قال: اعترض المزني في جوابه في القديم وقال: هذا قول قديم يعني وقف العقود فإن الشافعي جوّز وقف العقود في هذه المسألة حيث قال: لرب المال أن يأخذ شطر الربح، وان كان العامل الثاني تصرف بغير إذن رب المال فمن أصحابنا من سلَّم المزني ما ادعى أن هذا جواب على القول القديم.

ومن أصحابنا من لم يسلم ذلك وقال: هذا قول جديد في وقف العقود والشافعي يجوز في الجديد الوقف لا سيما إذا كان فيه مصلحة أموال الناس وها هنا مصلحة لأنه ربما يدفع مالأ إلى رجل للتصرف على جهة القراض فيذهب العامل ويشتري ما شاء الله أن يشتري وينوي في عقوده صرفها إلى نفسه [(٢٥) / ب] ثم يؤدي الأثمان من المال الذي في يده لولا ذلك المال لامتنع الناس من معاملته، فإذا استفاد الأرباح الكثيرة بسبب ذلك المال رجع بأصل المال بعد عشرين سنة إلى صاحبه ويقول: ما اشتريت بعين المال شيئاً ولا بنية القراض، وإنما كنت أشتري لنفي وهذا مالك فخذه ولا شيء لك في الربح وقد يغصب المال ويفعل هكذا فقلنا: في مثل هذا الموضع رب المال بالخيار إن شاء أجاز تلك العقود واستفاد أرباحها وان شاء لم يجزها واقتصر على أصل ماله فأخذه، وكذلك ما عقا العامل بعين المال من العقود وقد مال ابن سريج إلى هذا القول مراعاة للمصلحة، وأما ضمان المال يجب عليهما ولرب المال أن يطالبهما به فإن طالب الأول لم يرجع الأول على الثاني، وان طالب الثاني رجع على الأول لأنه غره وقيل: في الرجوع قولان.

وقال أكثر أصحابنا بالعراق: لا يعرف وقف العقود عند الشافعي لا في القديم ولا في الجديد ولا يصح بناء هذه المسألة على هذا لأن البيع الموقوف أن يبيع مال غيره وها هنا إذا اشترى في ذمته فلنفسه اشترى فكيف يقف على إذن غيره؟ وقيل: حصل في هذه المسألة خمسة أوجه: أحدها: أن كل الربح لرب المال ولا شيء فيه للعاملين وبه

<<  <  ج: ص:  >  >>