يكون نصيب العامل معلومًا بجزءٍ مثل النصف أو الثلث ونحو ذلك وهو لنا قال جماعة الفقهاء مالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة وحدة: المساقاة باطلة ووافقة زفر.
وحكي عن النخعي أنها مكروهة واحتجوا بالقياس على المزارعة وهذا غلط للخبر الذي ذكرنا. فإن قيل: هذا الخبر صار منسوخًا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن المخابرة" هي معاملة أهل خيبر قلنا: المخابرة هي المزارعة واشتقاقها من الخبّار وهو الأرض اللنية، والخبّير الأكار وقال: قال الشافعي في "المختصر": المخابرة باطلة لما روى رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة ولم تردّ إحدى سنَّتيه بالأخرى وقصد به الرد على أهل العراق فإن منهم من قال: تجوز المخابرة قياسًا على المساقاة وبه قال محمد، ومنهم من أبطل المساقاة قياسًا على المخابرة وبه قال أبو حنيفة ونحن لا نرد سنَّة بسنَّةٍ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المساقاة فأجزناها وأبطل المخابرة فأبطلناها. واعلم أن المزارعة والمخابرة باطلتان وصورة المزارعة أن يقول صاحب الأرض لرجل: ازرع هذه الأرض ببذري وآلتي والزرع بيننا. والمخابرة أن يقول: ازرع ببذرٍ وآلةٍ من عندك.
وتمام خبر رافع بن خديج ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: كنا نخابر أربعين سنةً ولا نرى بذلك بأسًا حتى أخبرنا رافع بن خديج أن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فتركناها لقول رافع وهذا دليل على أن العمل بالمنسوخ [١٣٩/ أ] جائز ما لم يبلغ النسخ المأمور واعلم أن الخبر الذي ذكرنا يدل على أن المساقاة إذا صحت بينهما يجوز الخرص فيها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان أحدهما: هذا، والثاني: لا يجوز لأن تلك كانت معاملة بين الكفار والمسلمين فاحتمل نوعًا من الغرر بخلاف ما إذا كان بين المسلمين وفيه دليل على أن الثمرة إذا حرصت جاز تسليمها إلى العامل بعد أن يضمن لمالك النخيل حصته من الثمن وكما ضمنت اليهود حصة المسلمين ويجوز تسلميها إلى المالك أيضًا إذا ضمن حصة العامل وفيه دليل على أنها إذا سلمت إلى العامل بعد الضمان يتبسط العامل في جميعها بيعًا وأكلًا وانتفاعًا وأن الخرص تضمين وهو أحد القولين، ثم اعلم أن المساقاة جائزة في الكرم أيضًا كما تجوز في النخل.
واختلف أصحابنا في الكرم هل قال به الشافعي نصًا أو قياسًا؟ فمنهم من قال: قاله نصًا وهو ما روى ابن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من النخل والكرم"، وري أنه ساقي في النخل والكرم ومنهم من قال وهو