الأشبه: أنه قال به قياسًا على النخل لاشتراكهما في وجوب الزكاة فيهما وبدون ثمرتهما وإمكان خرصهما، وقال داود: لا يجوز الخرص في الكرم اعتبارًا بالنص وهذا غلط لما ذكرنا ولأنه لو كان الاعتبار بعين النص لما جازت المساقاة بالثلث والربع لأن النص ورد في المساقاة بالنصف فدل أن الاعتبار بالمعنى وهو ما قلنا، وقال الليث بن سعد: تجوز المساقاة فيهما إذا لم يكن بعلًا ولا يجوز فيما كان بعلًا، وأما ما عدا النخل والكرم على ضربين قولًا واحدًا، وحكي عن مالك أنه قال: تجوز في المقاتي والمطابخ والباذنجان وفي كل ما لم يبدُ صلاحه لحدوث ثمرها مرةً بعد مرةً وهذا خطأ لأن ما لم يكن [١٣٩/ ب] شجرًا يابسًا فهو بالزرع أشبه والمخابرة على الزرع باطلة بالاتفاق، والثاني: ما له أصل ثابت كالزيتون والتفاح والتين والسفرجل ونحو ذلك ففيه قولان قال في القديم: يجوز، وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد لما روى الدارقطني بإسناده "أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بالشطر مما يخرج من النخل والشجر" ولأنها تثمر في كل حولٍ فهي كالنخل والكرم، وحكي عن مالك أنه قال: لو كان له زرع فاشتد جاز أن يدفعه إلى من يقوم بعمله من السقي وغيره ويكون بينهما، وقال في الجديد: لا يجوز وهذا ظاهر المذهب لأن ما لا تجب الزكاة في نمائه لا تجوز المساقاة عليه كالتوت ونحوه، وأما النخل والكرم ينميان بالعمل فالنخل يفتقر إلى اللقاح والكرم إلى الكساح ولا يحصل نماؤهما إلا بالعمل بخلاف سائر الأشجار لأنه يثمر من غير عمل عليه فافترقا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذان القولان مبنيان على أن الخرص هل يدخل فيما عدا النخل والكرم؟ وفيه قولان والأصح أنه يجوز فيها.
فرع
المساقاة عقد لازم يفتقر إلى مدةٍ معلومةٍ كالإجارة ولا يلزم على هذا الكتابة لأنها تفتقر إلى مدتين، والفرق بينهما وبين القراض أن المقارض يتصرف في رقبة المال بإذن صاحبه كالوكيل والمساقي لا يتصرف في رقبة المال بل يعمل بعوضٍ يحصل له فهو كالأجير والإجارة من العقود اللازمة.
فرع آخر
هل يدخل العرجون في المساقاة؟ وجهان: أحدهما: يدخل لأنه يصرم مع الرطب، والثاني: لا يدخل لأنه لا يدّخر عليه وينتفع به دونه فإن الأغداق يقطف عنها الرطب ويرمى بها فلم يدخل فيها.
فرع آخر
سواقط النخل من السعف والليف لرب النخل، فلو شرطا أن يكون بينهما فيه