للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإجارة دين على الأب فيجب أن يكون في تركته وهي بينهما، ومن أصحابنا من قال: لا يصح ما ذكره ابن الحداد لأنه إذا جعل ما انفسخ العقد فيه من الأجرةً بينهما فقد ملك المستأجر بميراثه نصف الدار بمنفعته ويرث الآخر نصف الدار المسلوب المنفعةً والأولى من هذا أن يقوم نصيب أحدهما بمنفعته ويقوم نصيب الآخر مسلوب المنفعةَ ويكون له من التركةً ما بين القيمتين ويكون للمستأجر نصف المسمى من التركةً.

مسألة: قال: "وإنْ تكاري دابةً من مكة إلى بطن مرَّ فتعدي بها إلي عسفانَ".

الفصل

وهذا كما قال: إذا اكترى دابةً ثم جاوز بها ذلك الموضع والشافعي صور ذلك في عسفان ومرَّ وعسفان قريةً من مكةً إليها مرحلتان ومر من مكةً إليها أرع فراسخ والكلام فيه في فصلين أحدهما: فيما يلزمه من الأجرةً، والثاني: فيما يلزمه من الضمان فأما الأجرةَ لما بلغ الموضع الذي استأجره إليه استقرت الأجرةً المسماةً لأن عدوانه لا يفسخ العقد حتى يسقط المسمى ويلزمه أجر المثل للزيادةً لأنه تعدى بها وصار كالغاصب فيها كما لو اكترى دارًا من رجل بعشرةً فسكنها شهرين يلزمه للشهر الأول الأجرة المسماةً وللشهر الثاني أجرةَ المثل ويفارق هذا إذا اكترى أرضا ليزرعها حنطة نزرعها ما ضرره أكثر من ضرر الحنطة لزمته أجرة المثل للكل في أحد القولين لأنه ابتدأ ها هنا بالتعدي من أول فعله إلى آخره فلا اعتبار بالمسمى ولزمته أجرة المثل وها هنا استوفى المستحق ثم زاد بالتعدي وهذه الزيادة متميزةً عن المستحق فلا تؤثر في المسمى بل يلزم ذلك وللزيادةً يلزم أجر المثل، وأما الضمان ينظر، فإن تلفت قبل أن جاوز بها الموضع فلا ضمان لأنها أمانةً في يده وإن تلفت بعد مجاوزةُ الموضع المأذون ينظر، فإن لم تكن [١٦١/ ب] يد صاحبها عليها فقد تعدى بالمجاورةً وضمنها وكان حكمه فيها حكم الغاصب فعليه أكثر ما كانت قيمتها من حين جاوز بها إلى أن تلفت فإن ردها إلى ذلك الموضع المأذون لم يسقط الضمان خلافًا لمحمد وزفر ووافقنا فيه أبو حنيفةَ وأبو يوسف، فإن كان معها صاحبها فإنها في يد صاحبها ولم تبثا يد الراكب عليها ولا يجب ضمانها باليد وإنما يجب ضمانها عليه بالجناية وهي الركوب إلا أن الركوب إلى الموضع المأذون ليس بجنايةً لأنه مأذون له فيه وما بعد ذلك جنايةً فإذا تلفت نظر، فإن تلفت في حالةُ الاستراحةً للعلف والسقي ونحو ذلك فلا ضمان عليه لأنها في يد صاحبها ولا صنعةً للمكتري فيها في هذه الحالةً وهو كما لو ساق جملًا عليه صاحبه نائم لا يضمنه لأن يد صاحبه عليه وإن تلفت في حال السير ضمن لأن الركوب جنايةً منه عليها والظاهر أن تلفها من الركوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>