للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: هلا قلتم أن صاحبها لما شاهده راكبا ولم ينكر رضي بسقوط حقه قلنا: السكوت في مثل هذا لا يجعل إذنًا كما لو خرق ثوبه وهو ساكت وإذا ضمنها لا يلزمه كل الضمان وفى مقدار ما يلزمه قولان أحدهما: يضمن نصف القيمةَ لأن تلفها كان بالإعياء في مسافتين مباحةً غير مضمونةً ومحظورةً مضمونةً فقسمت القيمةَ عليها نصفين، والثاني: يقسط القيمةً على قدر المسافتين في الطول والقصر فيسقط عنه من القيمةَ قدر ما قابل مسافةَ الإجارةً وأصل هذين القولين الجلاد إذا أمر أن يجلد ثمانين سوطًا فجلده أحدًا وثمانين كم يضمن قولان معروفان أحدهما: يضمن النصف، والثاني: يسقط على عدد السياط، وإن كان نقص قيمتها بالركوب فما قابل المباح منه لم يضمنه وما قابل المحظور منه ضمنه سواء كان صاحبها معها أو لا لأنه ضمان جنايته.

وقال أبو حنيفة: لا تلزم الأجرةً لزيادةَ المسافةً بناءً على أصله لا تضمن [١٦٢/ أ] المنافع بالغصب، وحكي عن مالك أنه قال: إن جاوز بها إلى مسافةٍ بعيدةٍ مثل إن اكتراها إلى واسط فحملها إلى البصرةً فصاحبها بالخيار بين أن يطالبه بأجرةً المثل وبين أن يطالبه بقيمتها يوم التعدي لأنه مانع مالكه عن أسواقها وهذا غلط لأن العين باقيةً بحالها فلا يكون لصاحبها المطالبةَ بالقيمةً كما لو كانت المسافةَ قريبةً.

لو اكتراها إلى موضع ذاهبًا وجاثيًا مغل إن قال: احملها إلى مر الظهران وارجع إلى مكةً فجاوز بها إلى عسفان، فإن كان الطريق بين مرّ وعسفان كالطريق بين مكةً وبين مرّ في السهولةً والأمن والقدر لم يصر ضامنًا بالخروج من مرٍ نقول: هو ذا يستوفي ما استحق استيفاؤه في الرجوع إلى مكةً فإذا مضى القدر الذي لو رجع إلى مكةً وصل إليها انقضى زمان استحقاقه فإن وجد هناك المالك أو وكيله ورد عليه لا يضمن النقص الذي دخله ولا شيء عليه لأن لم يرد فالآن دخل في ضمانه ولا أجرةً عليه في الحالين إلى الآن هما يلزمه الأجرةً بعد هذا لو أمسك، وإن كان الطريق أخوف أو أكثر حزونةً فهو متعدٍ فيما فعل فهو كما لو استأجر بيتًا ليسكنه فأسكنه الحدادين على ما سنذكر إن شاء الله تعالى.

فرع آخر

لو اكترى دابةً ليركبها إلى موضع فركبها إلى موضع آخر من ناحيةٍ أخرى، فإن كان الطريقان في المسافةً والحزونةً والسهولة واحدًا فلا ضمان عليه، وإن كان مخالفًا له في هذا ضمن من حين ابتداء ملوك هذا الطريق.

فرع آخر

لو اكترى دابةً ليحمل عليها مائة منًا قطنًا فحمل عليها الحديد آو ليحمل عليها الحديد فحمل القطن فهلكت ضمنها وكم يضمن الأجرةً؟ فيه قولان أحدهما: أجرةً

<<  <  ج: ص:  >  >>