ذكرناهما في التفليس فكل موضع قلنا له الحبس فحبس ثم تلف بغير جناية أحدٍ سقطت أجرته كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل التسليم، واختار الكشميهني أنه ليس لهم الحبس.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا بخراسان:[١٨٩/ أ] لو قصر الثوب ثم جاء متلف فأتلفه في يد القصار فالمالك بالخيار إن شاء رجع على المتلف بقيمة الثوب مقصورًا ثم يؤدي أجرة القصار، وإن شاء رجع على المتلف بقيمة الثوب غير مقصور والقصار يطالب المتلف أيضًا بأجرته، كما لو أتلف المبيع في يد البائع فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ العقد وتبع البائع المتلف بالقيمة، وإن شاء أجاز البيع وأدى الثمن وطالب المتلف بالقيمة، ولو أتلف القصار الثوب بعدما قصر فقولان كالقولين في جناية البائع أنها كآفٍة سماويةٍ أو كجناية الأجنبي، فإن قلنا: إنها كالآفة السماية لا أجرة للقصار سواء جعلنا القصارة أثرًا أو عينًا، وإن جعلناها كجناية الأجنبي فالمالك بالخيار بين أن يغرّم القصار قيمة الثوب مقصورًا أو يغرم له الأجرة أو يغرمه قيمة الثوب غير مقصور ولا أجرة له وهذا كله على ما ذكرنا أن القصارة تصير مسلَّمةً من صاحب الثوب وهذا لا يصح لأن القصارة، وإن كانت أثرًا لا بد من أن تصل إلى يد صاحبه وفيه الأثر حتى تتقرر الأجرة ويستقر حكم العمل فلا وجه لهذا القول والله أعلم.
فرع آخر
لو سلّم مملوكًا أو حرًا إلى رجلٍ ليعلمه الحرفة بأجرةٍ فمات قال صاحب "التلخيص": لا ضمان عليه قلته تخريجًا، وقال أبو عبد الله الختن في شرح "التلخيص": أما الحر فلا يضمنه لأن اليد لا تثبت على الحر، وأما العبد فإن أخذ وغاب معه فالقياس فيه أنه على قولين كما ذكرنا في الأجير ويحتمل أنه أراد به إذا كان يعمله في بيت صاحبه أو حانوته.
فرع آخر
إذا استأجر رجلًا ليحمل له طعامًا على ظهرٍ أو في سفينة فحمله فتلف في الطريق، فإن كان صاحبه معه فلا ضمان على الأجير إلا أن يتعدى فيه فإن تعثر فهلك لا ضمان وله الأجرة ذكره الصيمري، وإن لم يكن صاحبه معه نظر، فإن تعدى فيه ضمنه، وإن لم يتعدّ فيه فعلى قولين.
فرع آخر
لو استأجر الملاّح مدادًا له السفينة فهلكت في يده فإن نسب إلى تعدٍّ أو تفريطٍ ضمن وإن لم ينسب، فإن كان الملاّح حاضرًا لم يضمن، [١٨٩/ ب] وإن كان غائبًا فعلى اختلاف أصحابنا يكون منفردًا أو مشتركًا.