أن الضمان إذا كان ساقطًا عن الأجير المشاهد والأجير المنفرد فكذلك يجب أن يكون الضمان ساقطًا عن الأجير المشترك قال أصحابنا: لا فرق بين هذه المسائل وبين ما ذكرناه من مسألة القولين، وإنما قال الشافعي: لا ضمان على هؤلاء لأن الغالب أن الغلام يُختن في يد صاحبه وبيته ويحجم هكذا، وكذلك البيطار يبيطر في بيته أو في يده وصاحبها يكون معها فأما إذا أخذ الغلام أو الدابة وانفرد بهما فالمسألة على قولين أيضًا، وأما الأجير الذي في حانوته يحفظ متاعه فهو في ملكه والمتاع في يد صاحبه، وأما الراعي إن كان يرعى لا في ملكه فقولان أيضًا فلا ينتفع المزني بما أورده، وإن كان الصحيح ما اختار من القولين ثم قال الشافعي: ما أعلم أني سألت أحدًا منهم ففرق بينهما وهذا يوهم أن الفقهاء لم يفصلوا بين المنفرد والمشترك وليس كذلك فإن أهل العراق يفصلون بين هذين الأجيرين وإنما أراد الشافعي بذلك فرق المعنى لا فرق المذهب أي: ما سألت أحدًا منهم عن الفرق بين الأجير [١٨٨/ ب] المنفرد، وبين الأجير المشترك إلا عجز عن الفرق.
فرع
إذا قلنا بالقول الضعيف كيف يضمن؟ وجهان أحدهما: يضمن أكثر التركات ما كانت قيمته من حين قبض إلى حين أن تلف كالمغضوب وهذا اختيار أبي حامد، والثاني: يضمن قيمته يوم التلف ولا يضمن الزيادة الحادثة في يده لأن الشيء كان في يده بإذن صاحبه ولم يكن مأمورًا برده عليه في كل حالٍ قال القاضي الطبري: ويجب أن يكون ضمانه ضمان المأخوذ سومًا إذا تلف عنده على هذا الوجه. وأما نقصان الجزء من يوم قبض مضمون عليه بلا إشكال.
فرع آخر
الأجرة هل تلزم للأجير؟ ينظر فإن تلف الشيء قبل العمل لا أجرة له، وإن كان بعد الفراغ من العمل نظر، فإن كان الشيء في يد صاحبة استحق الأجرة لأن العمل صار مقبوضًا لصاحبه وكل ما عمل جزءًا من العمل استقر أجرته اللهم إلا أن يبتدئ بالتلف أول ما يعمل فلا يستحق، وإن كان في يد الأجير فلا أجرة له لأنه لم يسلم العمل، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قصره القصار ثم تلف عنده فإن قلنا: القصارة عينٌ لا أجرة له لأن العين تلفت قبل التسليم، وإن قلنا: أثر فله الأجرة وفي هذا نظر.
فرع آخر
إذا عمل الأجير ما استؤجر عليه هل له حبس المال عن مالكه لاستيفاء الأجرة؟ قال أبو يعقوب الأبيوردي: إن لم يكن له أثر قائم فيه لم يكن له حبسه عن مالكه قولًا واحدًا، وإن كان له عين مال فيه كالصبغ ونحوه له حبسه لأخذ الأجرة إذا جعلنا للبائع حبس المبيع لاستيفاء الثمن، وإن كان له فيه أثر كالقصارة والخياطة والتصبيغ بصبغ المالك فيه قولان مخرجان بناءً على أن هذه تجري مجرى الأعيان والآثار، وفيه قولان