للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصحابنا من قال: يجب القسط قولًا واحدًا لأن أثر المكاييل في الدابة لا يتفاوت غالبًا بخلاف ما لو زاد على الحد سوطًا لأنه قد يكون لسوطٍ واحدٍ من التأثير ما لا يكون لغيره، وأما الطعام فقد حصّل طعام نفسه هناك يفعل به ما شاء، وإن كان المكري اكتال فقد تعدى بحمل الزيادة فعليه ضمان تلك الزيادة إن تلفت ولا أجرة له فيها ولا ضمان للبهيمة على أحدٍ، وأما الطعام فقد وجده صاحبه في ذلك الموضع الذي حمل إليه فله أخذ طعامه هناك، فإن قال المكري: أنا أرده إلى موضعه لم يكن له ذلك، وإن اختار صاحب الطعام أن يكلفه رده إلى ذلك الموضع يلزمه رده لأنه نقله من غير أمره، وإن رجع صاحب الطعام إلى الموضع الذي حمل منه الطعام فصادف المكري هناك فطالبه ببدل الطعام هناك قال الشافعي في "الأم": لرب الطعام مطالبته برده إليه، وقيل: له مطالبته ببدل طعامه، ونقل المزني: له مطالبته ببدله وترك أصل قوله.

واختلف أصحابنا فيه على طريقين فمنهم من قال: رب الطعام بالخيار بين مطالبته برده وبين مطالبته ببدله، وكلام الشافعي على هذا يحمل على التخيير فعلى هذا إن كلفه الرد فلا كلام وإن كلفه البدل [١٩٢/ ب] وأخذ منه البدل ملك ولم يملك المكري المبدل فإذا رد المكري عين الطعام إلى موضعه انتقص ملك صاحبه عن البدل الذي أخذه، ومن أصحابنا من قال: لرب الطعام مطالبته بالرد وليس له مطالبته بالبدل لأنه غاصب قادر على رد عين الطعام بخلاف الآبق فإن الغاصب لا يقدر على رده، قال هذا القائل: قول الشافعي: قد قيل له مطالبته بالبدل حكاية مذهب الغير، وقال أبو إسحاق: هذا إذا اتفقا على الزيادة فإن اختلفا فيها فالقول قول المكري لأن يده عليها وهذا إذا كانت الزيادة متفاوتة، فإن كانت يسيرة كالمكوك والمكوكين فلا أجرة لذلك ولا ضمان بهيمة لأنه لا يمكن الاحتراز منه كما نقول في بيع الوكيل بما يتغابن الناس بمثله لا يمنع صحة البيع، وإن كان الكيال أجنبيًا تراضيا به فعلى الكيال أجرة مثله للمكري والحكم ضمان البهيمة ورد الطعام وأخذ بدله على ما مضى فيكون الأجنبي كالمكري في حق المكتري وكالمكتري في حق المكري وقد بيناه.

فرع

لو اكتال صاحب الطعام ولكن أوقره الجمال فيه وجهان أحدهما: التدليس من جهة صاحب الطعام فهو كما لو أوقره بنفسه، والثاني: أنه كما لو اكتال الجمَّال بنفسه وأوقره لأن صاحب الجمل هو المفرط وكان يجب أن ينظر ويتأمل ويبحث عنه ولا يدخل فيه إلا على ثقةٍ وعلم به فإذا قصر فيه لم يعذر وهذا مبني على القولين في رجل طرح في طعامه سمًا وناوله إنسانًا فأكله هل يضمن؟ قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>