للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيًا فلما رجع ثلاثة أحدهم خالد بن الوليد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما خالد فإنكم تظلمون خالدًا إنه قد حبس أذرعه وأعبده. ومن وَجَهَهُ المعنى أنها عين تجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فجاز وقفها كالدور. وقولنا: "عين" احترازها يكون في الذمة لأنه لو كان له في ذمة رجل حيوان من مسلم أو غيره موقفه لم يصح. وقولنا: "يجوز بيعه" احتراز من أم الولد والحر. وقولنا: "يمكن الانتفاع بها" احتراز من الحشرات التي ينتفع بها. وقولنا: "مع بقائها المتصل" احتراز من الطعام فإنه ينتفع به ولكنه سلف بالانتفاع. وقولنا: "المتصل" احتراز" من السمومات فإنه لا يتصل بقاؤها وإنما تبقى يومًا ويومين وثلاثة فقط، ولأن كل ما جاز وقفه تبعًا لغيره جاز وقفه منفردًا كالشجرة لأنها وقف تبعًا للأرض وتوقف منفردة عنها، ولأن المقصود من الوقف انتفاع الموقف عليه هذا المعنى موجود فيما عدا الأرض والعقار فجاز وقفه.

فأما الجواب عما ذكروه فهو أنه منتقص بالكراع والسلاح فإنه لا يثبت فيه الشفعة ويصح وقفه، ثم إن الشفعة إنما اختصت بالأرض والعقار، لأنه إنما تثبت لإزالة الضرر الذي يلحق بالشريك على الدوام، وإنما يدوم الضرر فيما لا ينفك فلا يدوم الضرر فيه فلهذا لم يثبت فيه الشفعة وليس كذلك الوقف، لأنه إنما جاز الانتفاع الموقوف عليه، وهذا المعنى موجود فيما ينفك ويحول إذا كان على الأوصاف التي ذكرنا فجاوز وقفه إذا ثبت هذا فكل عين جاز بيعها وأمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فإنه يجوز وقفها إذا كانت معينة، فأما إذا كانت في الذمة أو مطلقة وهو أن يقول وقفت فرسًا أو عبد فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به ما لم يتعين ولا يمكن تسليمه ولهذا قلنا: لا يجوز أن يبيع ثوبًا مطلقًا لأنه لا يمكن تسليمه والإخبار عليه. فأما الكلب فالذي نصب عليه الشافعي أنه لا يجوز وقفه؛ لأنه ليس بمال.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمهُ اللَّهُ: "فَإذَا قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِدَارِي عَلَى قَوْم أَوْ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ حَيٍّ يَوْمَ تَصَدَّقَ عَليْهِ. وَقَالَ: مُحَرَّمَةٌ، أَوْ قَالَ: مَوْقُوفَةً، أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مُسْبَلةٌ فَقَدْ خَرَجَت مِنْ مِلْكِهِ فَلَا تَعُودُ مُيرَاثًا أبدًا".

قال في الحاوي: وهذا كما قال ألفاظ الوقف ستة: تصدقت، ووقفت، وحبست؛ لأن التصديق يحتمل الوقف ويحتمل صدقة التمليك المتطوع بها ويحتمل الصدقة المفروضة فإذا قرنه بقرينة تدل على الوقف انصرف إلى الوقف وانقطع الاحتمال والقرينة

<<  <  ج: ص:  >  >>