وأربعة وخمسين يومًا، وهذا أخص الآجال بالشرع، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: ١٨٩].
والثاني: أن يشترط سنة عددية فيصح ويكون العقد على ثلاثمائة وستين يومًا كاملة لأن عدد الشهر مستوفٍ بكامله.
والثالث: أن يشترط سنة شمسية وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا وربع يوم، فقد اختلف أصحابنا في صحة الإجارة بهذا الأجل على وجهين:
أحدهما: يصح للعلم بالمدة فيها.
والثاني: باطلة، لأنها مقدرة بحساب تنشأ فيه أيام، وقد حرم الله تعالى النسيء بقوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}[التوبة: ٣٧].
والرابع: أن يطلق ذكر السنة، فلا يشترطها هلالية، ولا عددية ولا شمسية فتصح الإجارة حملًا على السنة الهلالية لأنه الزمان المقدر في الآجال الشرعية، والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا استأجر أرضًا فلا بد من ذكر ما قد استأجرها له، من زرع أو غرس أو بناء، فإن أغفل ذكر ما يستأجرها له بطلت الإجارة لاختلافه، ثم لا يذكر ذلك بلفظ الشرط بل يقول:"لتزرعها" فإن أخرجها مخرج الشرط، فقال:"على أن تزرعها" بطلت الإجارة لأنه إذا جعله شرطًا لزمه، والمستأجر لا يلزمه استيفاء المنفعة، وإنما هو إذا أمكن منها مخير بين استيفائها أو تركها ألا ترى أن من استأجر دارًا للسكنى كان مخيرًا بين سكانها وتركها، فإن شرط عليه سكانها في العقد فقيل فيه:"على أن يسكنها" بطلت الإجارة.
فإذا استأجر أرضًا سنة لزرعها غلة شتاء وصيف، فلا بد من أن يكون لها وقت العقد ماء قائم يسقى به الزرع من عين أو نهر أو نيل أو عثريًا، وهو: الماء المجتمع في أصول الجبال أو على رؤوسها، أو غيلًا, وهو: السيح الجاري، سمي سيحًا لأنه يسيح في الأرض، أو غللًا: وهو الماء بين الشجر، وإنما افتقر عقد الإجارة عليها إلى وجود الماء لزرعها، لأن الزرع لا ينبت في جاري العادة إلا بماء يسقيه فلزم أن يكون لها ماء يمكن معه استيفاء المنفعة منها لأن على المؤجر تمكين المستأجر من استيفاء المنفعة، فبطلت الإجارة، وهكذا لو كان سقى زرعها بعلًا أو عذيًا، والبعل، ما شرب بعروقه، والعذي: