قال في الحاوي: وصورة هذه المسألة أن يستأجر الرجل أرضًا مدة معلومة ليزرعها زرعًا موصوفًا فزرعها، ثم انقضت المدة، قبل استحصاد زرعها، فلا يخلو حال المدة من ثلاثة أقسام: أحدهما: أن يعلم أن ذلك الزرع يستحصد في مثلها، والثاني: أن يعلم أنه لا يستحصد في مثلها، والثالث: أن يقع الشك فيه.
فأما الأول: وهو ان يعلم بجاري العادة أن مثل ذلك الزرع يستحصد في مثل تلك المدة فانقضت المدة قبل استحصاده، فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام:
أحدهما أن يكون تأخر استحصاده لعدوله عن الجنس الذي شرطه إلى غيره مثل أن يستأجر خمسة أشهر لزرع الباقلا، فيزرعها برًا، فستقضي المدة، والزرع غير مستحصد، فهذا يؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده لأنه بعدوله عن الباقلا إلى البر يصير متعديًا فلم يستحق استيفاء زرع تعدى فيه، فإن تراضى المؤجر والمستأجر على تركه إلى أوان حصاده بأجرة المثل فيما زاد على المدة أقر، وإن رضي المستأجر وأبى المؤجر، أو رضي المؤجر وأبى المستأجر من بدل أجرة المثل قلع.
والثاني: أن يكون تأخير استحصاده لتأخير بذره من غير عدول عن جنسه، فهذا مفرط، ويؤخذ بقلع زرعه قبل استحصاده لأن تفريطه لا يلزم غيره، فإن بذل أجرة مثل المدة الزائدة، ورضي المؤجر بقبولها ترك وإلا قلع.
والثالث: أن يكون تأخير استحصاده لأمر سمائي، من استدامة برد، أو تأخير مطر، أو دوام ثلج، ففيه وجهان:
أحدهما: يترك إلى وقت استحصاده لأنه لم يكن من المستأجر عدوان، ولا تفريط فإذا ترك إلى وقت الحصاد ضمن المستأجر أجرة مثل المدة الزائدة على عقده.
والثاني: أن يؤخذ بقلع زرعه ولا يترك لأنه قد كان يقدر على الاستظهار لنفسه في