قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا غصبت الأرض المستأجرة من يد المستأجر فله الفسخ، وهل تبطل الإجارة بالغصب على قولين:
أصحهما: باطلة، والمستأجر بريء من أجرة مدة الغصب، ولا يكون المستأجر خصمًا للغاصب فيها لأن خصم الغاصب إنما هو المالك أو وكيله، وليس المستأجر مالكًا ولا وكيلًا، فلم يكن خصمًا.
والثاني: أن الإجارة لا تبطل، لأن غاصبها ضامن لمنافعها، لكن يكون المستأجر بحدوث الغصب مخيرًا بين المقام والفسخ، فإن فسخ سقطت عنه الأجرة، ولم يكن خصمًا للغاصب فيها، وإن أقام فعليه المسمى، ويرجع بأجرة المثل على الغاصب، ويصير خصمًا له في الأجرة دون الرقبة، إلا أن يبقى من مدة الإجارة شيء، فيجوز أن يصير خصمًا في الرقبة ليستوفي حقه من المنفعة.
قال في الحاوي: وجملة الأرضين ضربان، أرض عشر، وأرض خراج، فأما أرض العشر فهو ما أحياه المسلمون أو غنموه فاقتسموه، أو أسلموا عليه فملكوه، فالعشر في زرعها واجب إن زرعها مسلم، ولا عشر فيه إن كان الزرع لمشرك.
وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الذمي أرض عشر صارت أرض خراج ولا تعود إلى العشر أبدًا.
وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى: يضاعف عليه العشر ويكون فيئًا، فإن عادت إلى مسلم حولت إلى العشر.
وقال مالك: يجبر الذمي على بيعها، ولا تقر في يده، ولا يؤخذ منه عشر وعلى مذهب الشافعي رضي الله عنه أن أرض العشر لا تنتقل إلى الخراج أبدًا فإن ملكها ذمي أقرت في يده ولا عشر عليه، وإن ملكها مسلم أخذ منه العشر عن زرعها.
فلو أجرها المالك وزرعها المستأجر كان عشر زرعها واجبًا على الزارع المستأجر دون المؤجر المالك.
وقال أبو حنيفة: على المؤجر دون المستأجر، لأنه قد عاوض على الأرض فانتقل الحق إليه، وهذا خطأ لقوله تعالى:{وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١] ولقوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر".