للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤكل لحمه أو لا يؤكل، وهذا أصح الوجهين، لأن حرمة النفس أعظم من حرمة الملك فعلى هذا إن قرعت القرعة مال رجل مر تقدماً لمن قرع.

فصل:

الثاني: وهو ما يختص الارتفاق فيه بأقنية المنازل والأملاك كمقاعد الباعة والسوقة في أفنية الدور فينظر فيه فإن أضر ذلك بأرباب الدور منعوا من الجلوس إلا بإذنهم، وان لم يضر بهم نظر فإن كان الجلوس على عتبة الدار لم يجز إلا بإذن مالك الدار، وهو أحق بالإذن من الإمام، وان كان في فناء الدار وحريمها الذي لا يضر بالدار ولا يمالكها ففيه قولان:

أحدهما: أنه يجوز لهم الجلوس فيه بغير إذن مالكها، لأن حريم الدار مرفق عام كالطريق، وليس لرب الدار أن يمنع من جلس ولا يقدر عليه غيره.

الثاني: أنه لا يجوز لهم الجلوس فيه إلا بإذن مالكها، لأن مالك الدار أحق بحريمها ولا يجوز للمالك وان كان أحق بالإذن أن يأخذ عليه أجرة كما يجوز أن يأخذ عليه بانفراده ثمناً لأنه يقع للملك وليس بملك، فلو كان مالك الدار مولى عليه لم يجز لوليه أن يأذن في الجلوس فيه، لأنه غير مستحق في الملك ولا معاوض عليه ولا منتفع به، سواء كان مالك الدار مسلماً أو ذميا ولمالك الدار إذا أجلس رجلاً أن يقيمه إذا شاء ويقدم عليه من يشاء، فأما فناء المسجد فإن كان في الجلوس فيه إضرار بأهل المسجد منعوا منه، وان لم يكن فيه إضرار بأهل المسجد فهل يلزم استئذان الإمام فيه أم لا؟ وعلى وجهين إن قيل إن إذن اجتهاد في الأصلح, وسواء في فناء المسجد جيرانه والأباعد.

فصل:

الثالث: وهو ما يختص بالارتفاق فيه بأقنية الشوارع والطرقات أن يجلس فيها السوقة بأمتعتهم ليبيعوا ويشتروا فهذا مباح, لما قامنا من الدليل عليه، وللإمام أن ينظر فيه، واختلف أصحابنا في حكم نظر الإمام فيه على وجهين:

أحدهما: أن نظره فيه مقصور على كفهم عن التعدي ومنعهم من الإضرار وليس له أن يمنع جالساً ولا أن يقدم أحداً.

والثاني: أن نظره نظر مجتهد فيما يراه صلاحاً من إجلاس من يجلسه ومنع من يمنعه، وتقديم من يقدره، كما يجتهد في أموال بيت المال، فإذا أخذ الباعة مقاعدهم في أقنية الأسواق والطرقات روعي في جلوسهم ألا يضروا بمارٍ ولا يضيقوا على سائلٍ، وليس للإمام أن يأخذ منهم أجرة مقاعدهم, فلو جلس رجل بمتاعه في مكان فجاء غيره ليقيمه منه ويجلس مكانه لم يجز ما كان الأول جالسا بمتاعه, فلو قام ومتاعه في المكان فهو على حقه فيه ومنع غيره منه, فإذا قاموا من مقاعدهم بأمتعتهم عند دخول الليل ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>