فهو متعدٍ بذلك ولا أجرة له وما أخرجه فلصاحبه, وإن كان ذلك بإذنه فلا يخلوا من أن يأذن له على أن يخرجه العامل لنفسه أو له، فإن أذن له على أن يخرجه له فما يخرجه يكون له, وهل للعامل الأجرة أم لا يكون؟ يحكم فيه كالحاكم في الغسال إذا أعطاه الثوب ليغسله فغسله من غير أن يشترط له أجرة. وأما إذا له على أن ما يخرجه العامل فلنفسه دونه، فإن ذلك لا يصح, لأنها هبة مجهولة, والمجهول لا يصح تملكه وكل ما يخرجه فإنه يرده على صاحب المعدن إلا أن يستأنف له هبة بعد الإخراج، ويقبضه إياه ولا أجرة للعامل، لأنه عمل لنفسه وإنما تثبت له الأجرة إذا عمل لغيره بإجارة صحيحة أو فاسدة.
فإن قيل: أليس إذا قارضه محلى أن يكون الربح كله للعامل فعمل وربح، فإن الربح يكون لرب المال وأجرة المثل للمقارض، وها هنا قد عمل لنفسه، لأنه شرط جميع الربح.
فالجواب: أنه ليس كذلك، إنما عمل لغيره، لأن رأس المال ليس له وإنما هو لغيره، والبيع والشراء يقع لغيره دونه، فأما في مسألتنا فإن العمل وقع لنفسه ولم يقصد بذلك إلا نفسه فلهذا لم يكن له أبجره فأما إذا استأجره لإخراج شيء من المعدن فإنه ينظر فإن استأجره مدة معلومة صحت الإجارة، وان كان العمل معلوماً مثل أن يقول: تحفر لي كذا وكذا ذراعاً صح ذلك إذا كانت الأجرة معلومة، فأما إذا استأجره لذلك وجعل أجرته جزاء مما يخرجه من المعدن مثل أن يقول: وثلثه أو ربعه فإن الإجارة فاسدة، لأنها مجهولة، وله أجرة المثل فإن كان ذلك بلفظ الجهالة مثل أن يقول: إن أخرجت منه شيئاً فقد جعلت لك نصفه أو ثلثه فإنه لا يجوز، لأن الذر جعل له مجهول القدر موان جعل معلوماً فقال: إن أخرجت منه كذا فقد جعلت لك عشرة دراهم صح ذلك كما لو قال: من جاء بعبدي، أو قال: إن جئت بعبدي فلك دينار صح ذلك والله أعلم.