للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذله بلا عوض لمن احتاج إليه لشربه وشرب ماشيته من السائلة وغيرهم وليس له منع الماء الفاضل عن حاجته حتى لا يتمكن غيره من رعي الكلأ والذي يقرب ذلك الماء، وإنما يجب عليه ذلك لشرب المحتاج إليه وشرب ماشيته فأما لسقي زرعه فلا يجب عليه ذلك ولكن يستحب وقال أبو عبيد بن حربوية: يستحب ذلك لشرب ماشيته وسقي زرعه ولا يجب عليه، ومن الناس من قال: يجب عليه بذله بعوض لشرب الماشية وسقي الزرع فأما بلا عوض فلا، واحتج أبو عبيد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» وقال: ولأنه لو كان كلأ مملوكًا وبجنبه بئر ولا يمكن سقي المواشي من تلك البئر إلا بالرعي في ذلك الكلأ لم يلزمه بذل الفاضل من كلائه، فإن كان منعه يؤدي إلى منع الماء المباح فكذلك إذا كان الماء له، وكان الكلأ مباحًا لم يلزمه بذل الماء، وإن كان المنع يؤدي إلى منع الكلأ المباح، قال: ولأنه لما لم يجب ذلك لسقي زرعه فكذلك لمواشيه.

ودليلنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة» وفيه أدلة:

أحدها: أنه توعد على المنع فدل على أن البذل واجب.

والثاني: أنه دل على أن الفصل هو الذي يجب بذله فأما ما تحتاج إليه الماشية ونفسه وزرعه فلا يجب عليه بذلك وهو أحق من غيره.

والثالث: أنه دل على أنه يجب عليه البذل بلا عوض.

والرابع: أنه دل على أنه يجب عليه ذلك للماشية دون غيرها وروى ابن عباس عن النبي ... صلى الله عليه وسلم قال: "الناس شركاء في ثلاث: الماء والنار والكلأ" وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع فضل الماء.

وأما ما ذكره من الكلأ فهو أن الفرق بين الماء وبينه من وجهين:

أحدهما: أن الماء إذا أخذ استخلف في الحال ونبع مثله، وليس كذلك الحشيش فإنه إذا أخذ لا يستخلف بدله في الحال.

والثاني: أن الحشيش يتمول في العادة والماء لا يتمول في العادة.

وأما الجواب عن دليله الأخير فهو أن الزرع لا حرمة له، وليس كذلك الحيوان فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>