كانت عند مجيء صاحبها باقية بعينها لكن قد حدث فيها نماء منفصل رجع بالأصل دون النماء لحدوث النماء على ملك الواجد، فلو عرف الواجد صاحبها وجب عليه إعلامه بها، ثم ينظر فإن كان ذلك قبل تملكها فمؤنة ردها على صاحبها دون الواجد كالوديعة، فإن كان قصد أن يتملكها الواجد فمؤنة ردها عليه دون صاحبها لبقائها على ملكه ما لم تصل إلى يد صاحبها، وقال الكرابيسي إذا تملك الواجد اللقطة فلا غرم عليه لصاحبها ولكن له الرجوع بها بعد التملك وإن كانت باقية بعينها.
استدلالًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها».وروى:«وإلا فهي لك» فلم يجعل عليه بدلًا، ولأنه تملك كالركاز، فلما ملك الركاز بغير بدل ملك اللقطة أيضًا بغير دبل. وهذا قول خالف فيه نص الشافعي وجمهور الفقهاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًا عليه السلام بالغرم، فلما أعسر غرمه عنه؛ ولأن مقصود اللقطة حفظها على مالكها، وفي إسقاط الغرم استهلاك لها. ولأن ملك المسلم لا يستباح من غير اختياره إلا ببدل كأكل مال الغير، فأما الركاز فليس المقصود به حفظه على مالكه ولذلك سقط تعريفه وصار كسبًا محضًا لذلك وجب خمسة فافترقا.
قال في الحاوي: وجملة ذلك أن اللقطة على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما كان له قيمة وإذا ضاع من مالكه طلبه كالدينار والدرهم فهذا يجب تعريفه على واجده.
والثاني: ما كان تافهًا حقيرًا لا قيمة له كالتمرة والجوزة فهذا لا يجب تعريفه، فقد روى أن عمر رضي الله عنه سمع رجلًا يعرف في الطواف زبيبة فقال: إن من الورع ما يمقته الله. وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الحسن تمرة وجدها وقال:«لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لتركتها».
والثالث: ما كان له قيمة إلا أنه لا تتبعه نفس صاحبه ولا يطلبه إن ضاع منه كالرغيف والدانق من الفضة فقد اختلف أصحابنا في وجوب تعريفه على وجهين:
أحدهما: يجب لكونه ذا قيمة.
والثاني: لا يجب لكونه غير مطلوب ثم ما وجب تعريف من قليل ذلك أو كثيره عرفه حولًا كاملًا لا يجزيه أقل من ذلك في القليل ولا يلزمه أكثر منه في الكثير. وقال الحسن بن صالح: تعريف الحول يلزم في عشرة دراهم فصاعدًا وما دون العشرة يعرفه