قال في الحاوي: وصورتها في عبد أخذ لقطة، فلا يخلو حاله في أخذها من أحد أمرين: إما أن يأخذها لسيده، أو لنفسه، فإن أخذها لسيده جاز ولم يتعلق بأخذه لها ضمان لأنه مكتسب لسيده ويده يد سيده، وعليه أن يُعلِم بها سيده ليضمنها إليه، فإذا علم بها أخذها السيد من يده وعرفها حولًا، فإن جاء صاحبها وإلا فللسيد أن يتملكها. وإن أقرها السيد بعد علمه في يد عبده ليقوم بها وبتعريفها نظر حال العبد، فإن كان ثقة عليها بحيث يجوز أن يكون مؤتمنًا عليها جاز ولا ضمان، وإن غير ثقة فالسيد متعد بتركها في يده وعليه ضمانها في ماله، وإن كان العبد حين أخذها لنفسه لم يعلمه بها حتى تلفت، فإن كان تلفها بجناية منه ضمنها العبد في رقبته كسائر جناياته، وإن كان تلفها بغير جناية نظر، فإن لم يقدر على إعلام سيده حتى تلفت فلا ضمان عليه وغرمها هدر، وإن قدر على إعلامه ضمنها العبد في رقبته؛ لأنه صار بترك إعلام سيده بها متعديًا.
فصل: فأما أخذها العبد لنفسه لا لسيده ففيه قولان:
أحدهما: أن ذلك جائز له ولا يصير به متعديًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ذلك مال الله يؤتيه من يشاء».فجعلها كسبًا فلم يمنع العبد منه كما لا يمنع من الاصطياد والإحشاش وعلى هذا يعرفها العبد حولًا فإن جاء صاحبها وإلا فلكل واحد من العبد والسيد أن يتملكها، فإن تملكها العبد وجب غرمها في ذمته كالقرض وللسيد أخذها منه؛ لأنها من اكتسابه، فلو كان على كسبه بعد عتقه، وإن تملكها السيد كان ضامنًا لغرمها في ذمته دون العبد، وإن اتفقا أن تكون أمانة لصاحبها فللسيد الخيار في أن ينتزعها من يد عبده ليحفظها، فلو تلفت في يد العبد قبل أن يتملكها واحد منهما لم يضمن أمانة، وإن