استهلكها العبد لنفسه نظر في استهلاكه لها، فإن كان قبل الحول ضمنها في رقبته؛ لأن ذلك عدوان منه، وإن كان بعد الحول ضمنها في ذمته؛ لأن ذلك مباح له فهذا حكم أحد القولين.
فصل: والثاني: أنه لا يجوز للعبد أن يأخذ اللقطة لنفسه ويكون بأخذها متعديًا لأمرين:
أحدهما: أن في أخذ اللقطة ولاية على صاحبها وليس العبد من أهل الولاية.
والثاني: أن المقصود اللقطة حفظها على مالكها بالتعريف في الحول وبالذمة المرضية أن تملكت بعد الحول وليس العبد من هذين؛ لأنه مقصوع لخدمة السيد عن ملازمته التعريف وليس بذي ذمة في استحقاق الغرم لتأخيره إلى ما بعد العتق فلأجل ذلك صار من غير أهلها؛ فعلى هذا للسيد حالتان؛ حالة يعلم بها وحالة لا يعلم بها، فإن لم يعلم السيد بها فالعبد ضامن للقطة في رقبته دون ذمته؛ لأن أخذه لها جناية منه، وسواء كان تلفها قبل الحول أو بعده بفعله أو بغير فعله، وإن علم بها السيد فله حالتان:
إحداهما: أن ينتزعها من يده، فإذا فعل ذلك سقط ضمانها عن العبد وكانت أمانة في يد السيد فإن قيل قلم سقط ضمانها عن العبد يدفعها إلى السيد وليس السيد مالكًا لها وضمان الأموال بالعدوان لا يسقط إلا بردها على المالك قيل لأن السيد مستحق لأخذها ألا ترى أن العبد لو أخذها لسيده لم يلزمه الضمان فإذا دفعها إلى السيد سقط عنه الضمان فإذا صح أن ضمانها قد سقط عن العبد بأخذ السيد لها ففي يد السيد حينئذٍ وجهان:
أحدهما: أنه يد مؤتمن لا يد ملتقط وليس له أن يتملكها بعد التعريف لنه غير الواجد لها فأشبه الحاكم الذي لا يجوز له بعد التعريف أن يتملكها.
والثاني: أن يده ملتقط فيجوز له بعد التعريف أن يتملكها لأن يد عبده كيده والحال الثانية أن لا يأخذها السيد من يد عبده بعد علمه بها فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يأمره السيد بإقرارها في يده فيستبقيها عن إذن سيده فإن كان كذا نظر في العبد فإن كان ثقة أمينًا سقط ضمانها عن العبد بإذن السيد له في الترك؛ لأن يد العبد كيد سيده وصار كأخذ السيد فيكون على ما مضى من الوجهين، وإن كان العبد غير مأمون ضمنها السيد وهل يسقط ضمانها عن رقبة العبد أم لا على وجهين:
أحدهما: سقط لتصرفه عن إذن السيد وصار ذلك تفريطًا من السيد.
والثاني: أن ضمانها باقٍ في رقبة العبد لأنها لم تخرج عن اليد المتقدمة.
والضرب الثاني: أن يقرها السيد في يده من غير أن يأمره فيها بل يمسك عنها عند علمه، فالذي نقله المزني عن الشافعي ها هنا أن السيد يكون ضامنًا لها في رقبة عبده، ونقل الربيع في «الأم» أن السيد يكون ضامنًا لها في رقبته عبده وسائر ماله، فاختلف أصحابنا لاختلاف هذين النقلين، فكان أبو إسحاق المروزي حمل ذلك على سهو المزني وغلطه وجعلها مضمونة على السيد في رقبة عبده وسائر ماله على ما رواه الربيع، وزعم