أن المزني قد ذكر ذلك في «جامعه الكبير» وإن كنت قد قرأته فلم أجد ذلك فيه. وقال آخرون من أصحابنا: إن اختلاف هذا النقل بعض اختلاف قول الشافعي فيكون على قولين:
أحدهما: إن ذلك مضمون في رقبة العبد وحده؛ لأن رؤية السيد لجناية عبده وتركه لمنعه لا يوجب عليه ضمان جنايته، ألا ترى أن السيد لو شاهد عبده يقتل رجلًا أو يستهلك مالًا وقدر على منعه فلم يمنعه لم يضمن السيد قاتلًا، ولا مستهلكًا، ولا يجب عليه إن لم يمنعه غرم، ولا ضمان كذلك في اللقطة.
والثاني: أن ذلك مضمون على السيد في رقبة عبده وسائر أمواله لأن يد السيد لو عادت اللقطة إليها مستحقة لها فصار تركه في يده عدوانًا منه وليس كالذي يجني عليه عبده أو يستهلك فلذلك ضمن اللقطة في رقبة عبده وسائر ماله ولم يضمن جناية العبد وإن علم بها وإلا فمضمونة في رقبته دون سيده.
فإن قيل: فإن كانت مضمونة على السيد في سائر ماله فلم خصصتم رقبة العبد بها وهي من جملة ماله قلنا لأن تعلقها برقبة العبد معين كالجناية حتى لو كان السيد دين كان مالك اللقطة أحق برقبة العبد من سائر غرمائه كما لو جني وليس كذلك سائر أمواله.
لأن ملك اللقطة وغيرها في الغرم فيها سواء وقال آخرون من أصحابنا: ليس اختلاف هذا النقل على اختلاف قولين وإنما هو اختلاف حاليه فرواية المزني: أنها مضمونة في رقبة عبده محمولة على أن العبد كان بالغًا عاقلًا فلم يتعلق ضمانها إلا برقبته ورواية الربيع أنها مضمونة في رقبة عبده وسائر ماله محمولة على أن العبد كان صبيًا أو عجميًا فصار فعله منسوبًا إلى سيده بعد العلم به وهذا حكاه أبو علي بن أبي هريرة فأما المزني فغنه تكلم على ذلك واختار منه ما أخذه.
فصل: فأما إذا أمر السيد عبده بأخذ اللقطة فأخذها عن أمر سيده فذلك جائز لا يتعلق برقبة العبد ضمانها قولًا واحدًا ثم إن كان العبد من أهل الأمانات لم يضمنها السيد بإقرارها في يد العبد، وإن كان من غير أهلها ضمنها فأما إذا نهاه عن أخذها فأخذها بعد نهي السيد له فقد كان أبو سعيد الاصطخري يقول يضمنها العبد في رقبته قولًا واحدًا لأن نهي السيد قد قطع اجتهاده في أخذها وقال سائر أصحابنا بل يكون على ما مضى من القولين كما لم ينهه كالقرض الذي لو منع السيد عبده منه لما كان مضمونًا عليه لو فعله إلا في ذمته فلو كان العبد مأذونًا له في الجنازة والكسب فقد اختلف أصحابنا عل يكون أخذ اللقطة داخلًا في عموم إذنه أم لا على وجهين:
أحدهما: أنه يكون داخلًا فيه فعلى هذا يضمنها العبد إن أخذها قولًا واحدًا.
والثاني: لا يكون داخلًا في فعلى هذا في ضمانه لها إن أخذها قولان.
فصل: فلو التقط العبد لقطة ثم عتق قبل الحول أنها تكون كسبًا لسيده وله أن يتملكها دونه لأن أخذه لها كان وهو عبد وهي تملك بالأخذ وإنما تعريف الحول شرط