المولى على ذوي الأرحام وخالفه تقدمه فقدموا ذوي الأرحام على المولى، واستدلوا على توريث ذوي الأرحام بقوله تعالى:{وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأحزاب: ٦].فلم يجز أن يدفعوا عن الميراث، وقد جعلهم الله تعالى أولى به، ولرواية طاوس عن عائشة رضي الله عنهما وأبى أمامة عن عمر جميعًا رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الله ورسول مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له".وبرواية المقداد بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الخال وارث من لا وارث له".
وبراوية واسع بن حبان قال: توفي ثابت بن الحداح ولم يدع وارثًا ولا عصبة فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه عاصم بن عدي هل ترك من أحد؟ فقال ما نعلم يا رسول الله ترك أحدًا فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله إلى ابن أخته أبى لبابة بن عبد المنذر، ورواية الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العم والد إذا لم يكن دون أب والخالة والدة إذا لم يكن دونها أم".قالوا: ولأن كل من أدلى بوارث كان وارثًا كالعصبات، قالوا: ولأن اختصاص ذوي الأرحام بالرحم لا يوجب سقوط إرثهم كالجدة، قالوا: ولأن ذوي الأرحام قد شاركوا المسلمين في الإسلام وفضلوهم بالرحم، فوجب أن يكونوا أولى منهم بالميراث كالمعتق لما ساوى كافة المسلمين في الإسلام وفضل عليهم بالعتق وصار أولى منهم بالميراث وكالأخ للأب والأم لما ساوى الأخ للأب وفضله بالأم كان أولى بالإرث.
ودليلنا: رواية شرحبيل بن سلم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" فأشار إلى ما في القرآن من المواريث وليس فيه لذوي الأرحام شيء. وروى عطاء بن يسار أتى رجل من أهل العالية فقال: يا رسول الله إن رجلًا هلك وترك عمة وخالة فقال: اللهم رجل ترك عمه وخاله ثم سكت هنيهة ثم قال: لا أرى نزل على شيء لا شيء لهما".
وروي زيد بن أسلم عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير الله تعالى في العمة والخالة فنزل عليه أن لا ميراث لهما.